إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

أجمعت الأمة على مشروعية صلاة العيد لكن ذهب العلماء في حكم صلاة العيد مختلفين على أربعة أقوال:

الأول القول بأنها واجبة على الأعيان أي على من وجبت عليه الجمعة وليست فرضا وهو ظاهر مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ووجه الوجوب عندهم مواظبته عليه الصلاة والسلام عليها من غير ترك، قال المرغيناني الحنفي (ت 593ه) في كتابه البداية (وتجب صلاة العيد على كل من تجب عليه الجمعة). اه

الثاني القول بأنها فرض عين وهو المنقول في رواية عن أحمد، كما ذكره الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي والمرداوي في الإنصاف وغيرهما.

الثالث القول بأنها فرض كفاية وهو راوية عن مالك وبه قال أحمد وهو ظاهر مذهبه وابن أبي ليلى الحنفي وأبو سعيد الإصطخري الشافعي صاحب ابن سريج الشافعي والأوزاعي والليث وغيرهم ودليلهم ﴿فصل لربك وانحر﴾ قالوا يدل على الوجوب لكن حديث الأعرابي في الصحيحين هل علي غيرها؟ قال (لا إلا أن تطوع) يدل على أنها لا تجب على كل أحد، فتعين أن تكون فرضا على الكفاية عندهم.

الرابع أنها سنة عين مؤكدة أو سنة مؤكدة وهو قول الشافعي وجمهور أصحابه ومالك وجماهير العلماء وروي ذلك أيضا عن أحمد وأبي حنيفة.

ففي شرح التلقين للإمام الحافظ المجتهد أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري المالكي (المتوفى 536ه) كتاب الطهارة، باب صلاة العيدين (صلاة العيدين عندنا سنة، قال مالك في المختصر صلاة العيدين سنة لأهل الافاق وكذلك الظاهر من مذهب الشافعية أنها سنة ومنهم من قال هي من فروض الكفايات وبه قال ابن حنبل وقال أبو حنيفة هي واجبة وليست بفرض فدليلنا على كونها سنة فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها وإقامته إياها في الجم الغفير متكررة بتكرر الأعوام ودليلنا على نفي الوجوب حديث الأعرابي وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر له الخمس صلوات، قال هل على غيرها؟ قال إلا أن تطوع، وهذا يثبت نفي الوجوب عن الصلوات الخارجة عن الصلوات الخمس).

والله تعالى أعلم.