إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

ليعلم أن للوضوء أركانًا وسننًا سنذكرها ثم نذكر كيفيّة الوضوء جامعين بين الأركان والسنن إن شاء الله تعالى.
أمّا أركان الوضوء فستّة:
الأول: النية وتكون بالقلب عند غسل الوجه فينوي رفع الحدث الأصغر، أو التطهر للصلاة أو نحو ذلك، ولا تكفي النية قبل غسل الوجه إذا لم ينوِ عنده، ويكفي عند الإمام مالك أن تتقدّم على غسل الوجه بقليل، على أن مسح الرأس كله ركن على قولٍ عنده وكذلك الدلك والموالاة.
الثاني: غسل الوجه جميعه بشرًا وشعرًا، وحد الوجه ما بين شعر الرأس عادة وعظم الذقن طولا وما بين الأذنين عرضًا. فيدخل فيه جميع الشعر الذي في حدّ الوجه ومن ذلك الغمم والعذار والهدب والحاجب والشارب إلا باطن لحية الرجل الكثّة.
الثالث: غسل اليدين من رءوس الأصابع إلى المرفقين، ويجب إدخال المرفقين في الغسل.
الرابع: مسح بعض الرأس بشرًا أو شعرًا بشرط أن يكون البعض الممسوح من الشعر لا يخرج إذا مدّ إلى جهة نزوله عن حدّ الرأس.
الخامس: غسل الرجلين إلى الكعبين، ويجب غسل الكعبين.
السادس: ترتيب الأركان على ما ذكرنا.
 
وأمّا سننه فهي كثيرة منها:
التسمية، وغسل الكفين قبل إدخالهما الإناء، والاستياك، والمضمضة، والاستنشاق، والاستنثار، والغُرَّةُ، والتحجيل، ومسح جميع الرأس، ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما، وتخليل أصابع اليدين والرجلين، وتخليل اللحية الكثّة، وتقديم اليمنى على اليسرى، والطهارة ثلاثًا ثلاثًا، والدلك، والموالاة، وتقليل الماء، فقد كان النبيّ صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يتوضأ بمد ويغتسل بصاع من الماء، والصاع أربعة أمداد، والمدّ ملء الكفين المعتدلتين.
 
فمن توضأ مقتصرًا على الأركان ولم يأت بالسنن صح وضوؤه، لكن يكون فوّت على نفسه خيرًا.
ويستحب استدامة النيّة من أول الوضوء إلى ءاخره والأحسن في المضمضة والاستنشاق أن يجمع بينهما بثلاث غرفات ويبالغ فيهما إلا أن يكون صائمًا، وفي مسح الرأس أن يضع إبهاميه على صدغيه ويلصق سبابتيه ببعضهما عند مقدم الرأس ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه ويفعل ذلك ثلاثًا، وفي مسح الأذنين أن يمسح ظاهرهما وباطنهما بماء جديد ثلاثًا فيضع سبابتيه في صماخيه ثم يديرهما على المعاطف ثم يمسح بإبهاميه ظاهرهما ويلصق يديه مبلولتين بهما، ويقول إذا فرغ من الوضوء: “أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك”.
ومعنى الغرَّة أن يزيد في غسل الوجه على القدر الواجب من جميع جوانبه، ومعنى التحجيل أن يزيد في غسل اليدين إلى المنكبين وفي الرجلين إلى الركبتين، ومعنى الموالاة أن يغسل العضو قبل أن يجف العضو الذي قبله.
 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من توضأ كما أُمِر وصلَّى كما أُمِر غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه” رواه ابن حبان.