إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قَدْ زَاغَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ عِلْمَ التَّنْزِيهِ مِمَّنِ اقْتَصَرَ عَلَى حِفْظِ القُرْءانِ مِنْ دُونِ تَلَقٍّ لِعِلْمِ الدِّينِ تَفَهُّمًا مِنْ أَفْواهِ أَهْلِ العِلْمِ الَّذِينَ تَلَقَّوْا مِمَّنْ قَبْلَهُمْ، فَقَالَ إِنَّ اللهَ لَهُ ءَاذَانٌ، فَقِيلَ لَهُ كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ أَلَيْسَ قَالَ الرَّسُولُ (لَلَّهُ أَشَدُّ ءاذَانًا)، فَقِيلَ لَهُ أَنْتَ حَرَّفْتَ الْحَدِيثَ، الْحَدِيثُ (أَذَنًا) وَلَيْسَ ءَاذَانًا.
هُوَ ظَنَّ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ، فَتَجَرَّأَ عَلَى تَحْرِيفِ هَذَا الْحَدِيثِ، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ الصَّوابُ، وَالأَذَنُ في اللُّغَةِ الاسْتِمَاعُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ الإِمامُ الأَوْزَاعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْحَدِيثَ، وَقَوْلُ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ أَفْحَشِ الكَذِبِ عَلَى اللهِ، لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُشَبِّهَةِ قَبْلَهُ فِيمَا نَعْلَمُ.
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ (لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا لِقَارئِ الْقُرْءانِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلى قَيْنَتِهِ) أنَّ اللهَ يُحِبُّ قِرَاءَةَ الْقُرْءانِ مِنَ الَّذِي يُتْقِنُهَا ومخلصاً أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ الاسْتِمَاعَ إِليها وقد اشْتَرَاهَا وَعَلَّمَهَا الْعَرَبِيَّةَ حَتَّى تُغَنِّيَ لَهُ.