إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 


   الرّسولُ صلى الله عليه وسلم قال (لا تَأتُوا الكُهّان) رواه أحمد ومسلم والبيهقي وقال صلى الله عليه وسلم (مَن أتَى كاهنا أو عَرّافًا لِيَسألَه عَن شَىءٍ فسأَلَه عَن شَىءٍ لم تُقبَل لهُ صَلاةُ أَربَعِينَ لَيلَة) رواه أحمد.

   الذي يَضرِبُ بالمنْدَل ويُحَدّث النّاسَ مَلعُونٌ في شَريعَة الله، والذّهابُ إليهِ حَرام مَن ذهَب إليهِ ليَسألَه لا تُقبَلُ لهُ صَلاةُ أربعينَ ليلَة، يُحرَم ثَوابَ الصّلاةِ أربَعينَ لَيلة، فالذّهابُ إلى هؤلاء للسّؤال لو بغَير مالٍ حَرام فإذا كانَ بمَالٍ فهوَ أحْرَم، كذلك الذي يعتَمِدُ على فنجان البُنّ ويعتمدُ على غيرِ ذلك فالذي يقصِدُه الناس ليُحدّثهم عن مكانِ المسروق والضّائع فهذا عرّافٌ، ومَن ذهَب إليهِ ليسألَه لم تُقبَل لهُ صلاةُ أربعينَ ليلة، حرامٌ الذهابُ لهؤلاء، كانَ يُوجَدُ واحدٌ مِن هؤلاء العرّافين ثم ما لبِثنا قَليلاً فحُدِّثنا أنه حُبِس لأنهُ أكَلَ على الناس أموالاً هائِلة، هؤلاء يضُرّونَ الناسَ في الدِّين وفي الدّنيا، يضرّون الناسَ في دِينِهم وفي أموالهم فالحذَر الحذرَ منهم.

   كذلك لا يجوزُ الذهابُ إلى العَرَّافينَ والسَحرةِ لمقابلةِ سحرٍ بسحرٍ آخَر، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ أتى كاهِنَاً أو عرّافاً فصَدَّقَهُ بما يقولُ فقد كفَر بما أُنزِلَ على محمد) رواه الحاكم.

   والكاهِنُ هو مَنْ يتعاطى الأخبارَ عمَّا يقعُ في المستقبل، والعرَّافُ هو مَنْ يتحدَّثُ عنِ الماضي من المسروقِ ونحوهِ، فلذا لا يجوزُ الذَهابُ إليهم بهذا القَصْدِ وإنه لا أحدَ يعلمُ الغيْبَ كُلَّه إلا اللهُ، فمن كانَ يعتقِدُ بأَنَّ أحداً مِنْ خلْقِ اللهِ يعلمُ الغيبَ كُلَّه فقد كفر، قال الله تعالى (قُلْ لا يعلَمُ مَنْ في السمواتِ والأرضِ الغَيْبَ إلا الله)، اللهُ تعالى يُطْلِعُ الملائكةَ على شىءٍ مِنَ الغيبِ لا كلّه.