إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

السنة أن يخرج من باب الصفا ويأتي سفح جبل الصفا فيصعد قدر قامة حتى يرى البيت وهو يتراءى له من باب المسجد باب الصفا لا من فوق جدار المسجد بخلاف المروة فإِذا صعد استقبل الكعبة وهلل وكبر ويقول: “الله أكبرُ الله أكبر الله أكبرُ ولله الحمدُ، الله أكبر على ما هدانا والحمدُ لله على ما أَوْلانا، لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ يُحيي ويميتُ بيدهِ الخيرُ وهوَ على كلّ شىءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، أنْجَزَ وَعْدَهُ ونَصَرَ عبدَه وهزمَ الأحزابَ وحده، لا إله إلا الله ولا نعبدُ إلا إياه، مخلصينَ له الدينَ ولو كرهَ الكافرون“، ثم يدعو بما أحبَّ من أمر الدين والدنيا، وحسنٌ أن يقول: “اللهمَّ إنك قلتَ وقولُك الحقُّ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر] وإنكَ لا تُخلفُ الميعاد، وإني أسألك كما هديتني للإِسلام أن لا تَنزِعَهُ مني وأن تتوفاني مسلمًا” ثم يضم إليه ما شاء من الدعاء ولا يلبي.
 
– ولا يصح السعي إلا بعد طوافٍ صحيحٍ.
 
 
 
ويقول أثناء سعيه: “ربّ اغفر وارحمْ وتجاوزْ عما تعلَم، إنكَ أنتَ الأعزُّ الأكرم“.
 
ثم ينزل من الصفا متوجهًا إلى المروة فيمشي حتى يبقى بينه وبين الميل الأَخضر المعلق بفناء المسجد على يساره قدر ستة أذرع، ثم يسعى سعيًا شديدًا حتى يتوسط بين الميلين الأَخضرين اللذين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بدار العباس رضي الله عنه، ثم يترك شدة السعي ويمشي على عادته حتى يصل المروة فيصعد عليها حتى يظهر له البيت إن ظهر فيأتي بالذكر والدعاء كما فعل على الصفا فهذه مرة من سعيه، ثم يعود من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه في مجيئه ويسعى في موضع سعيه فإذا وصل الصفا صعده وفعل كما فعل أوَّلا وهذه مرة ثانية من سعيه، ثم يعود إلى المروة فيفعل كما فعل أوَّلا ثم يعود إلى الصفا وهكذا حتى يكمل سبع مرات يبدأ بالصفا ويختم بالمروة.
 
ويستحب أن يسعى على طهارة ساترًا عورته، فلو سعى مكشوف العورة أو محدثًا أو جنبًا أو حائضًا أو عليه نجاسة صح سعيه. ويستحب أن يكون سعيه في موضع السعي الذي سبق بيانه سعيًا شديدًا فوق الرَّمَل فإن ترك ذلك فاتته الفضيلة، وأما المرأة فالأصح أنها لا تسرع في المشي أصلا بل تمشي على هينتها بكل حال. وإذا كثرت الزحمة فينبغي أن يتحفظ من إيذاء الناس، وترك هيئة السعي أهون من إيذاء المسلم أو من تعرض نفسه إلى الأذى، وإذا عجز عن السعي الشديد في موضعه للزحمة تشبه في حركته بالساعي.
 
ويستحب الموالاة بين مرات السعي فلو فرّق بلا عذر تفريقًا كثيرًا لم يضرَّ على الصحيح.
 
قال الشيخ أبو محمد الجويني رحمه الله تعالى: “رأيت الناس إذا فرغوا من السعي صلوا ركعتين على المروة وذلك حسن وزيادة طاعة لكن لم يثبت ذلك عن رسول الله“. ثم إذا خرجوا يوم التروية إلى منى فالسنة أن يصلّوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيتوا بها ويصلوا بها الصبح، وكل ذلك مسنون ليس بنسك واجب فلو لم يبيتوا بها أصلا ولم يدخلوها فلا شىء عليهم لكن فاتتهم السنة.
 
* فائدة: اليوم الثامن من ذي الحجة يسمى يوم التروية فإنهم يَتَرَوَّوْنَ معهم الماء من مكة، واليوم التاسع يوم عرفة، والعاشر يوم النحر، والحادي عشر يوم القَرّ بفتح القاف وتشديد الراء لأنهم يقرون فيه بمنى، والثاني عشر يوم النفر الأول، والثالث عشر يوم النفر الثاني.
 
تنبيه: لا يسمى يوم الجمعة إذا صادف الوقوف فيه الحج الأكبر، إنما الحج الأكبر هو يوم عيد الأضحى لأن الحاج يكون أنهى معظم أعمال الحج.
ملاحظة:لا يصح السعي بين الصفا والمروة في التوسعة الجديدة