إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
أهل السنة قاطبة على تأويل المتشابه الموهم معانى لا تليق بالله وعدم حمله على الظاهر
قال الله عزّ وجل (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) سورة آل عمران الآية ٧.
قال الحافظ النووي الشّافعي (ت 676) قال القاضي عياض المالكي (ت 544) (لا خِلافَ بين المسلمين قاطبةً فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أنّ الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى (ءأمنتم من في السماء) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم) ذكره في كتابه صحيح مسلم بشرح النووي الجزء الخامس الطبعة الثانية لدار الكتب العلمية في الصحيفة 22.
و قال الإمام القرطبي المالكي (ت 671) في تفسيره في قول الله تعالى (ءأمنتم من في السماء) (قيل هو إشارة إلى الملائكة وقيل الى جبريل الموكل بالعذاب، قلت ويحتمل أن يكون المعنى خالق من في السماء أن يخسف بكم الارض كما خسفها بقارون) كتاب تفسير القرطبي المجلد 9 الجزء 18 طبع دار الكتب العلمية صحيفة 141.
وقال الإمام الرَّازيُّ الشّافعي (ت 604) (واعلم أنّ المشبهة احتجوا على اثبات المكان لله تعالى بقوله (ءأمنتم من في السماء) والجواب عنه أنّ هذه الاية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين لأن كونه في السماء يقتضي كونَ السماء محيطاً به من جميع الجوانب فيكون أصغر من السماء والسماء أصغر من العرش بكثير فيلزم أن يكون الله شيئاً حقيرا بالنسبة للعرش وذلك باتفاق علماء الاسلام محال لأنه تعالى قال (قل لمن ما في السماوات والارض قل لله) فلو كان اللهُ في السماء لوجب أن يكون مالكاً لنفسه وهذا محال فعلمنا أنّ هذه الاية يجب صرفها عن ظاهرها الى التأويل) كتاب التفسير الكبير( ج15 جزء30 ص61).
فيا أخي المسلم إن سمعت أو قرأت ءاية في القرءان ظاهرُها مخالف للآيات المحكمات فلا تَتَسرَّعَنَّ إن لم تكن سمعتَ تفسيرها ممن هو أهل لذلك وقُلْ لها معنى يليق بالله ورُدَّها إلى الآيات المحكمات ولا تأخذْ بظاهرها الذي قد يتبادر معناه إلى ذهنك ممَّا يُوهِمُ تشبيهَ الله بخلقهِ، ورضي الله عن السيد أحمدَ الرفاعي الكبيرِ القائلِ (صونوا عقائدَكُمْ مِنَ التمسُّكِ بظاهر ما تشابه مِن القرءان والسنة فإن ذلك مِن أصول الكفر).
والله أعلم وأحكم.