إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

أمير المؤمنين، الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضِيَ الله عنه هو أول من كتب التاريخ للمسلمين (أي بدأ بالتاريخ الهجري).
 
قال الزُّهريُّ والشعبيُّ: أرَّخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم عليه السلام إلى بنيان البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ثم أرَّخ بنو إسماعيل من بنيان البيت حتى تفرَّقت وكان كلما خرج قوم من تهامة أرَّخوا مخرجهم ومن بقي بتهامة من بني إسماعيل يؤرخون من خروج سعدٍ ونهدٍ وجهينة بن زيد من تهامة حتى مات كعب بن لؤي فأرَّخوا من موت كعب بن لؤي إلى الفيل فكان التاريخ من الفيل حتى أرَّخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الهجرة وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشر. اهـ (من تاريخ الطبري).
 
ولم يكن التاريخ السنوي معمولا به في أول البعثة حتى كانت خلافة عمر رضي الله عنه، ففي السنة الثالثة أو الرابعة من خلافته كتب إليه أبو موسى الأشعري: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الصحابة فاستشارهم فيقال إن بعضهم قال: أرِّخوا كما تؤرخ الفرس بملوكها كلما هلك ملك أرَّخوا بولاية من بعده فكره الصحابة ذلك، فقال بعضهم: أرِّخوا بتاريخ الروم [فكرهوا ذلك أيضا]، فقال بعضهم: أرِّخوا من مولد النبي وقال آخرون (من مبعثه) وقال آخرون (من مهاجرته) فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بها فأرخوا من (الهجرة) واتفقوا على ذلك. اهـ
 
[من تاريخ الرسل والملوك (تاريخ الطبري)].