إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
السلف والخلف متفقان على التنـزيه
قال الشيخ محمد مَيَّارة المالكي (ت 1072 هـ) ما نصه (أجمع أهل الحق قاطبة على أن الله تعالى لا جهة له، فلا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف) اهـ
وقال شيخ الجامع الأزهر سليم البِشْري المالكي (ت 1335 هـ) ما نصه (مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السُّنّيون أن الله تعالى منـزه عن مشابهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث ومن ذلك تنـزهه عن الجهة والمكان) اهـ ذكره القضاعي في فرقان القرءان.
وقال الشيخ يوسف الدجوي المصري المالكي (ت 1365 هـ) عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في مصر ما نصه (واعلم أن السلف قائلون باستحالة العلو المكاني عليه تعالى، خلافًا لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا المقام، فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه). اهـ
وقال أيضًا (هذا إجماع من السلف والخلف). اهـ
وقال المحدث الشيخ محمد عربي التبان المالكي المدرس بمدرسة الفلاح وبالمسجد المكي (ت 1390 هـ) ما نصه (اتفق العقلاء من أهل السنة الشافعية والحنفية والمالكية وفضلاء الحنابلة وغيرهم على أن الله تبارك وتعالى منـزه عن الجهة والجسمية والحد والمكان ومشابهة مخلوقاته). اهـ
ومعنى قول الله تعالى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) أي نَزِّه ربَّك الأعلى الذي هو أعلى مِن كُلِّ عليٍّ عُلُوَّ قَدرٍ وقهر ومنزِلة، لا عُلُوَّ مكان وجهة لأن الله تعالى منزَّه عن التحيز في مكان وجهة كما قال الرازي في التفسير الكبير والقرطبي المالكي في الجامع لأحكام القرءان وأبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط والشيخ مصطفى نجا الشافعي مفتي بيروت الأسبق في كتابه كشف الأسرار لتنوير الأفكار والشيخ يوسف الدَّجوي المصري المالكي في مجلة الأزهر التي تصدرها مشيخة الأزهر بمصر ناقلًا إجماع السلف والخلف على ذلك وغيرهم.
وقد أصدرت مجلة الأزهر وهي مجلة دينية علمية تصدرها مشيخة الأزهر في المحرم سنة 1357 هـ في تفسير سورة الأعلى، ص 16 و 17 (والأعلى صفة الرب والمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار لا بالمكان والجهة لتنـزهه عن ذلك) واعلم أن السلف قائلون باستحالة العلو المكاني عليه تعالى خلافا لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا المقام فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه. انتهى
وأصدرت دار الإفتاء المصرية بيانا عاما تحت رقم 2514 لسنة 2005 تحث المسلمين على الثبات على العقيدة السنية، ومما جاء في البيان (من ثوابت العقيدة عند المسلمين أن الله تعالى لا يحويه مكان ولا يحده زمان، لأن المكان والزمان مخلوقان، وتعالى الله سبحانه أن يحيط به شىء من خلقه، بل هو خالق كل شىء وهذا الاعتقاد متفق عليه بين المسلمين، وقد عبر عن ذلك أهل العلم بقولهم كان الله ولا مكان، وهو على ما كان قبل خلق المكان، لم يتغير عما كان) وأما ما ورد في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على علو الله عز وجل على خلقه فالمراد بها علو المكانة والشرف والهيمنة والقهر، لأنه تعالى منـزه عن مشابهة المخلوقين، وعقيدة والأزهر الشريف هي العقيدة الأشعرية وهي عقيدة أهل السنة والجماعة) انتهى بيان دار الإفتاء المصرية.