إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
– أبو الفضل التميمي من كبار الفقهاء الحنابلة، قال عنه الذهبي: الامام الفقيه رئيس الحنابلة. قال الخطيب البغدادي: دفن الى جنب قبر الامام احمد بن حنبل رضي الله عنه. توفي رحمه الله سنة 410 للهجرة وكان صديقا للقاضي ابي بكر الباقلاني وموادا له، اي بينهما محبة شديدة، والباقلاني من كبار الاشاعرة الذين هم اعيان اهل السنة والجماعة.
– هذا التميمي العالم الجليل له كتاب اسمه اعتقاد الامام المبجل احمد بن حنبل فيه يقول: “إن الله عز وجل واحدٌ لا من عدد، لا يجوز عليه التجزُّؤ ولا القسمة. وهو واحدٌ من كل وجه (اي لا شبيه له في أي وجه من الوجوه). وما سواه (اي ما سوى الله) واحد من وجه دون وجه”. قال “وقال (اي احمد) إن لله تعالى يَدَيْن وهما صفة له، ليستا بجارحتين وليستا بمركبتين ولا جسم ولا من جنس الأجسام، ولا من جنس المحدود والتركيب، ولا الأعضاء والجوارح، ولا يقاس (اي الله) على ذلك..، وقال (اي احمد) ولا يجوز أن يقال استوى بمماسة ولا بملاقاة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا، والله تعالى لم يلحقه تغييرٌ ولا تبديل، ولا يلحقه الحدود قبل خلق العرش، ولا بعد خلق العرش”.
– وقال (التميمي) “وأنكر (اي احمد) على من يقول بالجسم، وقال إن الأسماء مأخوذة بالشريعة واللغة، وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على كل ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف، والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن يسمى جسماً لخروجه(تعالى) عن معنى الجسمية، ولم يجئ في الشريعة ذلك فبطل”. قال “وكان (اي احمد)يقول إن الله قديم بصفاته”.
– والمجسمة لجهلها تقول ان الله جسم قاعد فوق العرش، فدل كلام احمد على انهم في الحقيقة لا يتبعونه وأنه لا يقول بذلك وأنه بريء منهم. وتقول اي المجسمة انه لا يجوز وصف الله بأنه قديم، ومعناه عند اهل السنة إن أطلق على الله أنه تعالى أزلي بلا ابتداء، وقد قاله الامام احمد كما تقدم، وهو وارد في الحديث الشريف وهو اجماع كما قال الحافظ الزبيدي في شرح الاحياء (ج2، ص21).
– وقبل الإمام أحمد وأرفع منه وأعلم، قال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر في تنزيه الله “ومعنى الشيء إثباته تعالى بلا جسمٍ ولا جوهر ولا عرض، ولا حدَّ له، ولا ضدَّ له، ولا ندَّ له، ولا مِثلَ له”. كلام للسلف اهل السنة والجماعة نفيس جدا من جواهر علوم الاسلام.