إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

قال الشّاعر:
 
الأشعريْ إمامُنا المُقَدَمُ *** ونهجُهُ نهجٌ سليمٌ أقْوَمُ
 
فعقْدُهُ قد خُصَّ بالرضوانِ *** من كُلِّ حَبْرٍ وذوي العِرفانِ
 
البيهقيْ والنوويْ وابْنُ حجرْ *** والقُرَشِيْ وابْنُ دقيقٍ الأغَرّْ
 
فكلُّ من يحْمِلُ علمًا أو أثَرْ *** من بَعْدِهِ بنهْجِهِ قدِ اشتهَرْ
 
ومثلهُ في النَّهْجِ عالمٌ فريدْ *** الماتُريديْ نسبَةً لماتُريدْ
 
كلاهما قد نصرَ الإسلامَا *** وصارَ نجمًا بَدَّدَ الظلامَا
 
فيا إلٰهي عنهما رضاكَا *** ومن على نهِجِهما أتاكَا
 
 
 
ليعلم أن الأشاعرة والماتريدية لخصوا عقيدة الرسول والصحابة، أغلب أهل السنة والجماعة هم أشاعرة يعني يتبعون طريقة الإمام أبي الحسن الأشعري في نصرة هذا المذهب، وأهل السنة هم جمهور الأمة المحمدية وهم الصحابة ومن تبعهم في المعتقد أي أصول الاعتقاد، وهي الأمور الستة المذكورة في حديث جبريل الذي قال فيه الرسول (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره)، وأفضل هؤلاء أهل القرون الثلاثة المرادون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) والقرن معناه مائة سنة كما رجح ذلك الحافظ أبو القاسم بن عساكر وغيره، وهم المرادون أيضًا بحديث الترمذي وغيره (أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وفيه قوله (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، فمن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة) صححه الحاكم وقال الترمذي حسن صحيح، وهم المرادون أيضًا بالجماعة الواردة فيما رواه أبو داود من حديث معاوية (وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة)، والجماعة هم السواد الأعظم ليس معناه صلاة الجماعة، كما يوضح ذلك حديث زيد بن ثابت ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال (ثلاث لا يُغَل عليهن قلب المؤمن إخلاص العمل والنصيحة لولي الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تكون من وراءَهم) قال الحافظ ابن حجر حديث حسن، فالماتريدية والأشعرية شأنهم نصرة الحق، واعلموا أن الله تعالى يقول في القرءان الكريم (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا).
 
وقال الحافظ اللغويّ مرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين (الفصل الثاني إذا اطلق أهل السنة والجماعة فالمراد بهم الأشاعرة والماتريدية) وقال الفقيه الحنفي ابن عابدين في حاشيته (أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية).