إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

مَعْلُومٌ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَكُونُ مَوْتٌ لِلْكُفَّارِ وَلا لِلْمُؤمِنينَ، أَمَّا مَا وَرَدَ في مُسْلِمٍ أَنَّ الْعُصَاةَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يُمِيتُهُمُ اللهُ ثُمَّ يُخْرِجُهُم فَإِنَّهُ يُؤَوَّلُ، مَعْنَاهُ يَصِيرُونَ كَالأَمْوَاتِ مِنْ شِدَّةِ تَغَيُّرِهِم، يَصِيرُونَ فَحْمًا.

وَإِلا فَالإجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ أَنَّ الإنْسَانَ يَمُوتُ مَرَّتَيْنِ وَيَحْيَى مَرَّتَيْنِ، قَالَ اللهَ تعالى (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) [غافر 11]، مَعْنَاهُ أَنَّ الإنْسَانَ يَكُونُ نُطْفَةً مَيِّتَةً ثُمَّ يَحْيَى ثُمَّ يَمُوتُ ثُمَّ يَحْيَى.

وَمِنْ هَذَا يُسْتَفَادُ أَيْضًا عَدَمُ جَوَازِ قَوْلِ (الْحَيَوَانَاتِ الْمَنَوِيَّة) لأَنَّ اللهَ تعالى قَال (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْييكُمْ) مَعْنَاهُ كُنْتُمْ نُطَفًا مَيِّتَةً لا أَرْوَاحَ فِيها.