إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ) ذكر في تفسيره جامع البيان عن تأويل آي القرءان (1 – 191 – 192 دار الفكر) أن الاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه منها الاحتياز والاستيلاء، ثم أوّل قول الله تعالى (ثم استوى على العرش) (البقرة 29) فقال (علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال) وهذا من الطبري تـنزيه لله عن الجهة والمكان وعن الاستقرار والجلوس والمحاذاة وما كان من صفة المخلوق.
 
وقال الطبري في تفسير ءاية الكرسي (3 – 13) والعلي ذو العلو والارتفاع على خلقه بقدرته، وكذلك قوله (العظيم) ذو العظمة، الذي كل شيء دونه، فلا شيء أعظم منه.
وقال في (27 – 215) (هو الأول) (سورة الحديد) قبل كل شىء بغير حد، ثم قال (فلا شىء أقرب إلى شىء منه) قال الطبري في مقدمة تاريخ الرسل والملوك لأبي جعفر الطبري (1 – 3) عن الله تعالى (لا تحيط به الأوهام، ولا تحويه الأقطار، ولا تدركه الأبصار) وقال في (ص – 28) ومن لا يجوز عليه الاجتماع والافتراق، وهو الواحد القادر الجامع بين المختلفات، الذي لا يشبهه شىء، وهو على كل شىء قدير.
 
قال أبو بكر الرازي (توفي بعد سنة 691 هـ) في مختار الصحاح، باب القاف (ص 226 مكتبة لبنان) والقُطْرُ بالضم الناحية والجانب وجمعه أقْطَار.
 
قال ابن عطية الأندلسي (541 هـ) في تفسيره المحرر الوجيز(ص 70 دار ابن حزم) قال قوم معناه علا دون تكييف ولا تحديد، وهذا اختيار الطبري، والتقدير علا أمره وقدرته وسلطانه.
 
ذكر الحافظ السيوطي (911 هـ) في كتابه تحذير الخواص من أحاديث القصاص (مخطوط – 15) وفي بعض المجاميع أن قاصا جلس ببغداد فروى في تفسير قوله تعالى (عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا) أنه يجلسه معه على عرشه فبلغ ذلك الإمام محمد بن جرير الطبري فاحتد من ذلك وبالغ في انكاره وكتب على باب داره:
 
سبحان من ليس له أنيس *** ولا له في عرشه جليس
 
وفي ترجمة الإمام محمد بن جرير الطبري شيخ المفسرين ذكر ياقوت الحموي (626 هـ) في كتابه معجم الأدباء (6 – 2450 دار الغرب الإسلامي) أن الإمام الطبري قال (وأما حديث الجلوس على العرش فمحال) ثم أنشد:
 
سبحان من ليس له أنيس *** ولا له في عرشه جليس