إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ وءالِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ و الصالحينَ.
قالَ المالكِيّةُ (يَجُوز بل يُندَبُ على المعتَمَد تَأمِينٌ أي قولُ ءامِينَ وتَصْلِيَةٌ أي الصّلاةُ على النّبيّ صَلّى الله عليه وسلم عندَ ذِكْرِ الإمامِ أسبَابَ ذلكَ بشَرْط كَونِها سِرّا والجَهرُ بهِما مَمنُوعٌ، وإنّ الجَهْرَ العَاليَ لم يَقُل بهِ أحَدٌ، وقَد صَرّح في الْمَدخَل بأنّه بِدعَةٌ كمَا في كتابِ حَاشِيَةِ الدَّسُوقيّ على الشّرْح الكَبِير ومَواهِب الجَلِيل في شَرح مختَصَر الشّيخ خَلِيل ومِنَح الجَلِيل شَرح مختَصَر خَلِيل).
ففي المدخل لأبي عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المالكي الشهير بابن الحاج (المتوفى 737هـ) فصل في فرش السجادة على المنبر (وَمَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْخَطِيبَ إذَا ذَكَرَ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ السَّامِعَ يَسْأَلُ وَيَسْتَعِيذُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ سَمَاعِهِ لِذَلِكَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ. زَادَ أَشْهَبُ أَنَّ الْإِنْصَاتَ أَفْضَلُ لَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَسِرًّا فِي نَفْسِهِ وَلَوْ عَطَسَ فَيَحْمَدُ اللَّهَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ وَمَنْ سَمِعَهُ فَلَا يُشَمِّتْهُ، فَإِنْ جَهِلَ فَشَمَّتَهُ فَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَالْإِنْصَاتُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَعَلَى مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَهُ مِمَّنْ يَنْتَظِرُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ.
وقال الشافِعيّة (وأمّا التّأمِينُ لدُعَاءِ الخَطِيب فيَكُونُ بِلا رَفْع الصّوت والأَولَى تَركُ الجَهرِ بهِ لأنّه يَمنَع الاستِمَاع ويُشَوّشُ على الحَاضِرينَ مِن غَيرِ ضَرُورَةٍ ولا حَاجَةٍ إلَيهِ، وأمّا مَا أطْبَقَ النّاسُ علَيهِ مِنَ التّأمِينِ جَهرًا سِيّما مع المبَالغَة فهوَ مِنَ البِدَع القَبِيحَةِ المذمُومَةِ فيَنبَغِي تَركُه).
وقالَ الحنَابلَة (ويجُوز تَأمِينُه أي مستَمِع الخُطبَة على الدُّعَاء أي على دُعَاء الخَاطِب فيُسَنُّ سِرّا، كمَا فِي كتَاب كشّاف القِنَاع والإنصَاف والمغني والتّنقِيح والمنتهَى).