إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قالَ الله عزَّ وجلَّ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ *﴾ [سورة ءال عمران] .
فعَمَلاً بما أمرَنَا الله تعالى بهِ نُحَذّر اليومَ من قَوْلِ بعضِ الناسِ في مؤلفاتِهِمْ بأنَّ الكافرَ إذا أرادَ أنْ يُسْلِمَ يغْتَسِلُ ثمَّ يتشهَّدُ، وهذا والعياذُ بالله باطِلٌ باطِلٌ بلِ الواجبُ عليهِ أولاً أنْ ينطِقَ بالشهادتيْنِ بقولِهِ: «أشهدُ أنْ لا إلـهَ إلا الله وأشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله» أو ما يُعطي معناهُما كأنْ يقولَ: «لا ربَّ إلا الله محمَّدٌ نبيُّ الله» ثمّ يغتسِلَ إنْ كانَ أجْنَبَ في حالِ كفرِهِ وجوبًا، وندْبًا أيْ مِن بابِ السُنَّةِ إنْ كانَ لم يُجْنِبْ.
وهكذا المرأةُ التي كانَتْ تَحِيضُ فهذِهِ تتشَهَّدُ ثمَّ تَغْتَسِلُ وجُوبًا.
ولا يجوزُ تأخيرُ الإسلامِ لأجْلِ الغُسْلِ أو غيرِهِ ولو لِلَحْظَةٍ، ولا يجوزُ أنْ يقالَ لهُ: «اذهبْ فاغتَسِلْ ثمَّ نلقّنُكَ الشَّهادةَ» ومنْ قالَ ذلكَ للكافِرِ الذي طلبَ منهُ أنْ يُلَقّنَهُ كيْفيَّةَ الدخولِ في الإسلامِ كَفََرَ والعياذُ بالله كما نصَّ على ذلكَ الإِمامُ النوويُّ في روضةِ الطالبينَ، لأنّهُ رضِيَ للكافر أنْ يبقى على كفرِهِ ولو لِلَحْظَةٍ.
فقدْ قالَ الفقهاءُ: مَنْ أشارَ لمنْ يريدُ الدخولَ في الإسلامِ بالتأخيرِ وقالَ لهُ «انتظِرْ إلى وقتٍ» كفَرَ وَالعياذُ بالله تعالى.
وللأسف فإن بعض من يدَّعونَ الإرشادَ إلى الدّينِ يؤخِّرونَ مَنْ يطلبُ منهمُ الدخولَ في الإسلامِ بقولِهِم «فَكّرْ مدَّةً ثمَّ تُسْلِم إنْ شِئْتَ» أو «اذْهَبْ واغْتَسِلْ ثمَّ ارجِعْ» أو يقولون لهُ: «لماذا تُرِيدُ أنْ تُسْلِمَ؟ الإسلامُ فيهِ أشياءُ صعبةٌ عليكَ فَكّرْ في الأمرِ أوَّلا» وهذا دليلٌ على شدَّةِ الجهْلِ وهوَ كفرٌ والعياذُ بالله تعالى.
اللهمَّ إنَّا نَسْألُكَ عِلْمًا نافعًا ولِسانًا ذاكرًا يا أَرحمَ الراحمينَ.