إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ وألِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ و الصالحينَ.
 
يَقُوْلُ بَعْضُ النَّاسِ إِنَّ إِمَامَ الحَرَمَيْنِ وَالرَّازِيَّ رَجَعَا عَنْ مَذْهَبِ الأَشَاعِرَةِ إِلَى مَذْهَبِ ابْنِ تَيْمِيَةَ، وَيَذْكُرُوْنَ لَهُمَا كُتُبًا تُنْسَبُ إِلَيْهِمَا فِيْهَا ذَلِكَ؟
 
هَذَا كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ، الرَّازِيُّ كُتُبُهُ مَعْرَوْفَةٌ مُتَدَاوَلَةٌ بِأَيْدِي الأَشَاعِرَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، كَذَلِكَ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ، إِنَّمَا يُنْقَلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ بِأَنَّهُ مُتَنَدِّمٌ فِي خَوْضِهِ فِي عِلْمِ الكَلَامِ يَعْنِي مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ، أَمَّا هُمَا فَكَانَا علَى العَقِيْدَةِ الأَشْعَرِيَّةِ إِلَى المَمَاتِ، وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلَبَةٌ كَثِيْرٌ، لَوْ كَانَا رَجَعَا لَتَبِعَ كُلًّا مِنْهُمَا تَلَامِيْذُهُ فِي الرُّجُوْعِ، لَكِنَّ الوَهَّابِيَّ يَتَعَلَّقُ بِغُثَاءِ السَّيْلِ.
 
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (غُثَاءِ السَّيْلِ مَا احْتَمَلَهُ السَّيْلُ مِنَ الزَّبَدِ وَالْعِيْدَانِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْأَقْذَاءِ).
 
قال الإمامُ الجويني في كتاب الإرشاد (ص 58) (ومذهبُ أهل الحقِّ قاطبة أنّ اللّهَ سبحانه منزه عنِ التّحيز والتّخصص بالجهات)، هو الإمام عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، نسبة لجوين من قرى نيسابور، النيسابوري الشافعي الأشعري المعروف بإمام الحرمين، كان عالمًا أصوليًا نظارًا محققًا بليغًا، كنيته أبو المعالي، ولقبه ضياء الدين.
ولد الإمام الجويني في الثامن من شهر محرم سنة أربعمائة وتسع عشرة للهجرة، واعتنى به والده من صغره، وحرص على أن لا يطعمه ما فيه شُبهة، فلم يُمازج باطنه إلا الحلال الخالص اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم.
 
فائدة:
 
يروى أن الإمام الفخر الرازي كان جالساً يتكلمُ في بعض مجالس علمه وبينما هو كذلك إذا ببازي يتبع حمامة ولم يزل خلفها حتى ألقت نفسها على الإمام فدخلت في كُمهِ فانصرفَ عنها البازي فتعجب الناسُ لذلك وكان شرف الدينِ بن عنين حاضراً فانشد أبياتا في الحال قال فيها:
 
جاءت سليمان الزمانِ حمامةٌ *** والموتُ يلمع في جناحي خاطف
 
من نبأ الورقاء أن محلــــــــكم *** حرمٌ وأنك مأمنٌ للخائـــــــــــــفِ