إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الزكاة مصارفها مذكورة في كتاب الله، الزكاة ليست لكل عمل خير
اليوم بعض الناس يدفعون الزكاة في غير وجهها، هؤلاء لم تسقط عنهم، هؤلاء لا تزال الزكاة في ذمتهم. لا تبرأ ذممهم إلا بدفعها في وجهها الصحيح.
قال اللهُ تعالى ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ سورة التوبة/ 60.
فَلْيُعلَم أن سَهْمَ ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ المذكورَ في ءاية الصَدقات لا يَشمل عمل -الرابطة ولا أمثالها- وبالتالي لا يجوز صرفه في نشاطاتها ونفقاتها.
والفتوى بخلاف ذلك غَلَط فاحش يَحرم العمل بها لمخالفتها نَصَّ القرءان وأحاديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماعَ الأئمة المجتهدين وأقوالهم.
وأئمة المسلمين جميعًا أجمعوا على أن مصرف ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ المذكور في ءاية الصَدقات لا يَنطَبِق على كُلِ وُجوه البر وأنه خاصٌّ بالغازِي الـمُتَطَوِّع.
الامام مالك رضي الله عنه قال في المدونة:
(لا يُجزِئه أن يُعطِيَ مِن زكاته في كَفَنِ مَيّت لأنّ الصَدَقةَ إنما هي للفقراء والمَساكين ومَن سمَّى اللهُ، وليس للأمواتِ ولا لِبنيان المساجد شيء).
فإذا كان لا يجوز دفعها لبناء مسجد يُدْعَى فيه إلى اللهِ وتُقام فيه شَعائِرُ الإسلامِ وتُعَلَّمُ علُوم الدِينِ، فهل يجوز دفعها لاستئجار قاعة لِمَعرض أو لمؤتَمَر ؟!!! بالتأكيد لا، وقَد أَفْتَى بعضُهم بجواز إعطاء الزكاة في بناء المساجد بناء على توسع بعض العلماء في معنى قوله تعالى ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ على هَواهُم وهذا قولٌ شاذٌّ لا يجوز اعتِمادُه.
فمن هنا يُعلم أنه لا يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد والمستشفيات والمدارس، فمن دفع من زكاته إلى مدرسة أو إلى مستشفى أو إلى بناء مسجد فليَعلم أن زكاتَه ما صَحَّت فيجب عليه إعادة الدفع للمُستَحِقِّين.
ولا تعطى الزكاة لمن يجد كفايته.
ولا يجوز دفع الزكاة لكافر.
وعند الحنفية لا تدفع الزكاة للأصل ولا للفرع فلا تدفع للوالدين ولا للأبناء.
اليَوْمُ الَّذِي يَتَمَسَّك بالدِّينِ كَالقَابِض عَلَى الجَمْرٍ، لِذَلِكَ عَظُمَ أَجْرُه وثوابه، أَجْرُهُ كَأَجْرِ خَمْسِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ إِنْ قَامَ بِذَلِكَ أي خَمْسِينَ ضِعْفًا عَمَّا كَانَ لِلصَّحَابَةِ فِيمَا يَكُونُ لِلْوَاحِد مِنْهُم إِنْ كَانُوا أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوا عَنِ الْمُنْكَرِ، وذلك لِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِي.
وفيه: عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.
قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعرُوفِ وَتَنَاهَوا عَنِ الْمُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤثَرَةً، وَإِعجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُم أَيَّامًا الصَّبرُ فِيهِنَّ مِثلُ القَبضِ عَلَى الجَمرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثلُ أَجرِ خَمسِينَ رَجُلًا يَعمَلُونَ مِثلَ عَمَلِكُم).
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: وَزَادَنِي غَيرُ عُتبَةَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ (لَا، بَل أَجرُ خَمسِينَ مِنكُمْ). قال الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.