إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

قال المفسر الإمام أبو عبد الله محمد شمس الدين القرطبي المالكي (ت671 هـ) في كتابه الجامع لأحكام القرءان ما نصه (والعليُّ يراد به علوُّ القدر والمنزلــة لا علوُّ المكان لأن الله منزه عن التحيز). اهـ
 
وأصدرت مجلة الأزهر وهي مجلة دينية علمية تصدرها مشيخة الأزهر في المحرم سنة 1357 هـ في تفسير سورة الأعلى ص 16 و 17 (والأعلى صفة الرب والمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار لا بالمكان والجهة لتنـزهه عن ذلك) واعلم أن السلف قائلون باستحالة العلو المكاني عليه تعالى خلافا لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا المقام فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه. انتهى
وأصدرت دار الإفتاء المصرية بيانا عاما تحت رقم 2514 لسنة 2005 تحث المسلمين على الثبات على العقيدة السنية، ومما جاء في البيان (من ثوابت العقيدة عند المسلمين أن الله تعالى لا يحويه مكان ولا يحده زمان، لأن المكان والزمان مخلوقان، وتعالى الله سبحانه أن يحيط به شىء من خلقه، بل هو خالق كل شىء وهذا الاعتقاد متفق عليه بين المسلمين، وقد عبر عن ذلك أهل العلم بقولهم (كان الله ولا مكان وهو على ما كان قبل خلق المكان لم يتغير عما كان) وأما ما ورد في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على علو الله عز وجل على خلقه فالمراد بها علو المكانة والشرف والهيمنة والقهر، لأنه تعالى منـزه عن مشابهة المخلوقين، وعقيدة الأزهر الشريف هي العقيدة الأشعرية وهي عقيدة أهل السنة والجماعة. انتهى بيان دار الإفتاء المصرية
 
وفي كتاب الجامع لأحكام القرءان وهو تفسير القرطبي (تفسير قوله تعالى (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِنْ فَوْقِهِم) أي عقاب ربهم وعذابه، لأنّ العذاب الْمُهلِك إنما ينزل من السماء، وقيل المعنى يخافون قدرة ربهم التي هي فوق قدرتهم.
 
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الله فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ﴾ أي وهو الله الْمُعَظّم أو المعبود في السموات وفي الأرض، كما تقول زيد الخليفة في الشرق والغرب أي حُكمُه، ثم قال وقيل المعنى وهو الله يعلم سرّكم وجهركم في السموات وفي الأرض فلا يخفى عليه شيء، ثم قال والقاعدة تنزيهه جلّ وعزّ عن الحركة والانتقال وشُغلِ الأمكنة).