إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

القسم الأول من أقسام الردّة (اعْتِقَادَاتٌ)
 
الرِّدَّةُ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ كَمَا قَسَّمَهَا الحَنَفِيَّة (1) وَالمَالِكِيَّة (2) وَالشَافِعِيَّة (3) وَغَيْرهمْ اعْتِقَادَاتٌ (4) وَأَفْعَالٌ وَأَقْوَالٌ وَكُلُّ يَتَشَعَّبُ شُعَبًا كَثِيرَةً.
 
فَمِنَ الأَوَّلِ الشَّكُّ فِي اللَّهِ أَوِ فِي رَسُولِهِ أَوِ الْقُرْءَانِ أَوِ الْيَوْمِ الآخِرِ أَوِ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ أَوِ الثَّوَابِ أَوِ الْعِقَابِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، أَوِ اعْتِقَادُ قِدَمِ الْعَالَمِ وَأَزَلِيَّتِهِ بِجِنْسِهِ وَتَرْكِيبِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ فَقَطْ، أَوْ نَفْيُ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ إِجْمَاعًا كَكَوْنِهِ عَالِمًا أَوْ نِسْبَةُ مَا يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْهُ إِجْمَاعًا كَالْجِسْمِ أَوْ تَحْلِيلُ مُحَرَّمٍ بِالإِجْمَاعِ مَعْلُومٍ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِمَّا لا يَخْفَى عَلَيْهِ كَالزِّنَى وَاللِّوَاطِ وَالقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ.
 
أَوْ تَحْرِيْمُ حَلالٍٍ ظَاهِرٍ كَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، أَوْ نَفْيُ وُجُوبِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ كالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ سَجْدَةٍ مِنْهَا وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْوُضُوءِ.
 
أَوْ إِيْجَابُ مَا لَمْ يَجِبْ إِجْمَاعًا كَذَلِكَ. أَوْ نَفْيُ مَشْرُوعِيَّةِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ.
 
أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ عَلَى فِعْلِ شَىْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ، لا خُطُورهُ فِي الْبَالِ بِدُونِ إِرَادَةٍ.
 
أَوْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ سَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ رِسَالَةَ وَاحِدٍ مِنَ الرُّسُلِ الْمُجْمَعِ عَلَى رِسَالَتِهِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْءَانِ.
 
أَوْ زَادَ حَرْفًا فِيهِ مُجْمَعًا عَلَى نَفْيِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنْهُ عِنَادًا.
 
أَوْ كَذَّبَ رَسُولاً أَوْ نَقَصَهُ أَوْ صَغَّرَ اسْمَهُ بِقَصْدِ تَحْقِيرِهِ أَوْ جَوَّزَ نُبُوَّةَ أَحَدٍ بَعْدَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
 
(1) ابنُ عابدينَ الحنَفِي في رَدِّ الـمحتَارِ عَلَى الدُّر الـمختار باب الردَّة 3 – 283.
 
(2) القاضي عياض وأبو عبد الله محمد أحمد عليش.
(3) النَّوَوِيُّ.
 
(4) كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْحُجُرَاتِ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ أَىْ لَمْ يَشُكُّوا.