إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

القول المنسوب إلى الإمام مالك رضي الله تعالى عنه (الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شىء أي علمه) هذا لا يصح عن مالك، مروي في كتاب اسمه المسائل لأبي داود من غير أن يصححه ليس في سننه، وعلى كل حال هو مروي من طريق عبد الله بن نافع عن مالك، يعني ما يرويه سريج بن النّعمان عن عبد الله بن نافع عن مالك أنه كان يقول (الله في السماء وعلمه في كل مكان) فغير ثابت.
 
قال الإمام أحمد (عبد الله بن نافع الصائغ لم يكن صاحب حديث وكان ضعيفا فيه وأنه لا يُعتمد عليه).
 
وقال أبو حاتم (ليس بالحافظ هو لين في حفظه وكتابه أصح).
 
وقال البخاري (يعرف حفظه وينكر وكتابه أصح).
 
قال ابن عدي (يروي غرائب عن مالك).
 
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال (كان صحيح الكتاب وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ).
 
وقال ابن فرحون (كان أصم أميا لا يكتب) وراجع ترجمة سريج وابن نافع في كتب الضعفاء.
 
وذكر المالكية الذين ألفوا في التراجم في من يروي عن مالك قالوا عبد الله بن نافع كان أصم وكان أميًّا لا يكتب، زيادة على ما قاله أحمد وغيره فيه، قالوا أحاديثُه لا تشبه أحاديث الثقات الثقات يروونه بطريقة هو يرويها بطريقة أخرى.
 
الوهابية كثيرًا ما يروون هذا الكلام عن مالك وهم يعرفون من رواها عن مالك لكنهم غشاشون، الكتاب الذي أخذوا منه هذه الرواية يبين حاله، لكن ماذا تعمل مع الكذاب، وقد رويت أيضًا بلفظ ءاخر عن مالك (ملك الله في السماء بدل الله في السماء) وبمثل هذا السند لا ينسب إلى مثل مالك مثل هذا، فبان مما ذكرناه أن ما تنسبه المشبهة للإمام مالك تقول عليه بما لم يقل، لا شك أنه لا ينسب إلى الإمام مالك قول بهذا السند.
 
توضيح (عبد الله بن نافع ليس نافع شيخ الإمام مالك إنما غيره).
 
وقد قال الإمام المحدث الصّوفي الورع أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة الأندلسي توفْي 699 هـ في كتابه بهجة النفوس (وقد قال الإمام مالك رحمه الله: كل ما يقع في القلب فالله بخلاف ذلك، لأن كل ما يقع في القلب على ما تقدم إنما هو خلق من خلق الله، فكيف يشبه الخالق المخلوق). اهـ