إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
براءة الشيخ الإمام أبي الحسن الشاذلي من عقيدة الحلول والاتحاد
انتسب إلى الطريقة الشاذلية أناس فانحرفوا عنها يقال لهم الشاذلية اليشرطية قالوا بأن الله يدخل في كل شخص ذكرٍ أو أنثى، حتى قال قائلهم في بعض الأشخاص (أنت الله وهذا الجدار الله) وهم فرقة من متأخري الشاذلية انحرفوا عن أُصول التوحيد الذي هو عقيدة كل مشايخ أهل الله الذين عملوا الطرق كالسيد أحمد الرفاعي والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أبي الحسن الشاذلي والشيخ أبي مَدْيَن شعيب بن الحسين وغيرهم، فالشيخ أبو الحسن الشاذلي بريء من القول بالحلول والاتحاد.
قال الحافظ السيوطي في كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد (حدثني الشيخ كمال الدين المَراغي قال اجتمعت بالشيخ أبي العباس المرسي تلميذ الشيخ الكبير أبي الحسن الشاذلي وفاوضته في هؤلاء الاتحادية فوجدته شديد الإنكار عليهم والنهي عن طريقتهم وقال أتكون الصنعة هي الصانع). اﻫ
براءته من تحريف لفظ الجلالة إلى ءاه:
بعض جهلة المتصوفة ممن ينتسبون إلى الطريقة الشاذلية ابتدعوا بدعة قبيحة مخالفة للقرءان الكريم والسنة النبوية وانحرفوا بذلك عن نهج الأمة الإسلامية وعن طريق التصوف الصحيح بل وعن نهج الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه فقاموا بتحريف اسم الله تعالى مدّعين أن (ءاه) اسم من أسمائه تعالى، واحتجوا بحديث موضوع في إثبات هذه البدعة المنكرة، وهو ما رواه الديلمي في مسند الفردوس والرافعي في تاريخ قزوين أن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا مريض يئن فقلنا له اسكت فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي (دعوه يئن فإن الأنين اسم من أسماء الله تعالى يستريح إليه العليل)، وهو حديث موضوع أي مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حكم بوضعه الحافظ أحمد بن الصديق الغُماري في كتابه المغير على الجامع الصغير وغيرُه.
وقال المناوي في شرح الجامع الصغير ما نصه (لكن هذا لم يرد في حديث صحيح ولا حسن، وأسماؤه تعالى توقيفية). اهـ
هذا الأمر ليس من أصل الطريقة الشاذلية بل شيء أحدثه بعض جهلة المتصوفة من شاذلية فاس كما قال شيخ الشاذلية في المدينة المنورة الشيخ ظافر المدني الشاذلي رحمه الله تعالى في رسالة له فقال (إن الاشتغال بـ (ءاه) من فعل شاذلية فاس). اهـ
وقولهم هذا أي زعمهم أن (ءاه) من أسماه الله مردود بكتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأقوال أهل المذاهب الأربعة واللغويين.
قال الله عز وجل (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يُلحدون في أسمائه) [سورة الأعراف] والإلحاد في أسماء الله تعالى هو تسميته بما لم يسم به نفسه ولم يرد فيه نص من كتاب ولا سنة ولا إجماع لأن أسماء الله سبحانه وتعالى كلها توقيفية أي يتوقف إطلاقها عليه تعالى على ورودها في كتاب الله أو سنة نبيه أو إجماع، ومن هنا يعلم أنه لا يجوز تسمية الله تعالى بـ (ءاه) لأنه لفظ يدل على العجز والشكاية والتوجع وما كان كذلك يستحيل أن يكون اسمًا لله تعالى.
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم فلا يقل ءاه ءاه فإن الشيطان يضحك منه) أو قال (يلعب منه) رواه الترمذي والحافظ المجتهد ابن المنذر وابن خزيمة واللفظ له، فلو كان لفظ ءاه من أسماء الله تعالى التي يتقرب بها إلى الله تعالى كما يزعمون لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم (فإن الشيطان يضحك منه).
وكان الشيخ محمود حجازي أحد رؤساء الشاذلية وتلميذه الشيخ المحروقي يدافع عن هذه الكلمة بشدة حتى استفتى مفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي رحمه الله فأفتاه بتحريم الذكر بها فرجع الشيخ محمود حجازي عن القول بها وألّف رسالة سماها التفصيل الواضح في الرد على تغيير أهل الطريق الفاضح وعقد لذلك فيها بابًا فقال باب رفض اسمية ءاه لله تعالى.
وقد أفتى شيخ الأزهر الشيخ سليم البشري المالكي فتوتين بتحريم الذكر بهذا اللفظ وبلفظ (أح أح) وكذا بلفظ (لا إله إلا الله) بمد هاء كلمة إله، أو بلفظ من يشبع همزة إله مع مدها فيتولد عنها ياء، أو بلفظ إثبات ومد همزة لفظ الجلالة فتصير كالاستفهام، حتى إنه أفتى بتحريم حضور مجالسهم ويجب تغيير ذلك.
وللشيخ محمد أبي الفضل شيخ الأزهر فتوتان بالتحريم الأولى موجزة أجاب بها سؤالا رُفع إليه إذ كان شيخ علماء الإسكندرية والأخرى مسهبة أجاب بها سؤالا رُفع إليه وهو شيخ الأزهر.
وللشيخ مصطفى بن حسن العسيلي العدوي رسالة طبعت قديمًا متضمنة للإجابة عن أسئلة رفعت إليه بشأن مد هاء (إله) من كلمة التوحيد والذكر بلفظ (ءاه) قرر فيها منع الأمرين بأدلة واضحة.
واستدل على هذا بكلام ابن الأثير في النهاية وبكلمة المصباح والمختار والقاموس ثم قال (فقد أجمع اللغويون وشارحو الحديث على أن لفظ (ءاه) موضوع للتشكي أو التوجع فكيف يليق بقوم يزعمون أنهم يعبدون ربهم ويتقربون إليه بأسمائه، أن يذكروه بكلمة الشكاية أو التوجع ويستدلون على ذلك بأشياء هي أوهى من بيت العنكبوت وما نقل أن أحدًا من السلف الصالح ذكر ربه بذلك قط). انتهى كلامه
وقد أسلفنا أن الشيخ ظافرًا المدني شيخ شيوخ شاذلية عصره ابن الأستاذ الشيخ محمد ظافر المدني نص على عدم اسمية (ءاه) وحرمة الذكر به في رسالته المسماة الرسالة الظافرية في ءاداب الطريقة الشاذلية وهي عظيمة الفائدة ومن جملة ما جاء فيها (وشروط الذكر عند من يلقنه معلومة وأوقاته معينة مرسومة ولكن لا يُلتفت لما عليه بعض زوايا الشاذلية من التحريف في (لا إله إلا الله) بمد هاء إله، ولا إلى الذكر بـ (هيْ) أو (ءاه) حيث لم يكن لذلك سند صحيح يعتمد عليه). اهـ إلى أن قال هذا هو طريق السادة الشاذلية الصحيح الذي تلقيناه عن والدنا شيخ مشايخ الطريق كما تلقاه هو كذلك وعليه العمل الآن في جميع الزوايا التابعة لنا في البلاد العثمانية والعربية وفي صحراء سيوه ومطروح متفقين جميعًا على عدم مد هاء إله في (لا إله إلا الله)، وعلى أن اسم الصدر هو لفظ الله بدون قصر ولا حذف شيء منه لا لفظُ هيْ ولا لفظ ءاه. اهـ