إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
بيان كذب ما يروى عن إمام الحرمين من رجوعه عن علم الكلام
قال تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (5/186-187) “وذكر ابن السمعاني أيضاً أنه سمع أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان يذكر عن محمد بن طاهر المقدسي الحافظ قال: سمعت أبا الحسن القيرواني الأديب بنيسابور وكان ممن يختلف إلى درس إمام الحرمين أنه قال: سمعت أبا المعالي يقول: لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به. قلت أنا: يشبه أن تكون هذه الحكاية مكذوبة، وابن طاهر عنده تحامل على إمام الحرمين، والقيرواني المشار إليه رجل مجهول، ثم هذا الإمام العظيم الذي ملأت تلامذته الأرض لا ينقل هذه الحكاية عنه غير رجل مجهول، ولا تعرف من غير طريق ابن طاهر، إن هذا لعجيب! وأغلب ظني أنها كذبة افتعلها من لا يستحي، وما الذي بلغ به رضي الله تعالى عنه علم الكلام؟ أليس قد أعزَّ الله به الحق وأظهر به السنة وأمات به البدعة ؟” انتهى كلام السبكي.