إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
بَابُ سُجُوْدِ السَّهْوِ
سُجُوْدُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلاَمِهِ إِنْ نَقَصَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً، يَتَشَهَّدُ لَهُمَا وَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا وَإِنْ زَادَ سَجَدَ بَعْدَ سَلاَمِهِ وَإِنْ نَقَصَ وَزَادَ سَجَدَ قَبْلَ سَلاَمِهِ لأَنَّهُ يُغَلِّبُ جَانِبَ النَّقْصِ عَلَى جَانِبِ الزِّيَادَةِ.
وَالسَّاهِيْ في صَلاَتِهِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ تَارَةً يَسْهُوْ عَن نَقْصِ فَرْضٍ مِن صَلاَتِهِ فَلاَ يُجْبَرُ بِسُجُوْدِ السَّهْوِ وَلاَ بُدَّ مِن الإِتْيَانِ بِهِ وَإِنْ لمَ ْيَذْكُرْ ذَلِكَ حَتى سَلَّمَ وَطَالَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَيَبْتَدِئُهَا.
وَتَارَةً يَسْهُوْ عَن فَضِيْلَةٍ مِن فَضَائِلٍ صَلاَتِهِ كَالقُنُوْتِ، وَرَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ وَتَكْبِيْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَلاَ سُجُوْدَ عَلَيْهِ في شَيْءٍ مِن ذَلِكَ، وَمَتى سَجَدَ لِشَيْءٍ مِن ذَلِكَ قَبْلَ سَلاَمِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَيَبْتَدِئُهَا.
وَتَارَةً يَسْهُو عَن سُنَّةٍ مِن سُنَنِ صَلاَتِهِ، كَالسُّوْرَةِ مَعَ أُمِّ القُرْآنِ، أَوْ تَكْبِيْرَتَيْنِ أَوْ التَّشَهُّدَيْنِ أَو الجُلُوْسُ لَهُمَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيَسْجُدُ لِذَلِكَ.
وَلاَ يَفُوْتُ السُّجُوْد البَعْدِيُّ بِالنِّسْيَانِ، وَيَسْجُدُهُ وَلَوْ ذَكَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ مِن صَلاَتِهِ.
وَلَوْ قَدَّمَ السُّجُوْدَ البَعْدِيَّ أَوْ أخَّرَ السُّجُوْدَ القَبْلِيَّ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَلاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ عَلَى المَشْهُوْرِ.
وَمَن لَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى، أثَلاَثًا أَوْ اِثْنَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَبْنِيْ عَلَى الأَقَلِّ، وَيَأْتِيْ بِمَا شَكَّ فِيْهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلاَمِهِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.
من كتاب متن العشماوية في فقه السادة المالكية لعبد البارىء بن أحمد أبي النجا العشماوي القاهري الأزهري المالكي.