إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الاستعاذة ليست من القراءن إجماعًا، ومعناها: أستجيرُ بالله ليحفظني من أذى الشيطان وهو المتمرد الطاغي الكافر من الجن، والرجيم بمعنى المرجوم وهو البعيد من الخير المطرود المُهان. ويستحب البدء بها قبل البدء بقراءة القرءان وهو قول الجمهور، وقيل: يقرؤها بعد الانتهاء من القراءة لظاهر قوله تعالى: {فإذا قرأتَ القرءانَ فاستعِذ باللهِ} [سورة النحل/98] قال الجمهور: التقدير إذا أردت القراءة فاستعذ، وذلك كحديث: “إذا أكلت فسمّ الله” رواه الحميدي والطبراني، أي إذا أردت الاكل.
سورة الفاتحة
مكية وهي سبع ءايات
بسم الله الرحمن الرحيم (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)
{بسم الله الرحمن الرحيم}
البسملة ءاية من الفاتحة عند الإمام الشافعي ولا تصح الصلاة بدونها، وعند مالك وأبي حنيفة ليست ءاية من الفاتحة.
وقد جرت عادة السلف والخلف على تصدير مكاتيبهم بالبسملة وكذلك يفعلون في مؤلفاتهم حيث إنها في أول كل سورة سوى براءة. والابتداء بها سنة غير واجبة في كل أمر له شرف شرعًا سوى ما لم يرد به ذلك بل ورد فيه غيرها كالصلاة فإنها تبدأ بالتكبير، والدعاء فإنه يبدأ بالحمدلة.
وما كان غير قُربة مما هو محرم حرُم ابتداؤه بالبسملة فلا يجوز البدء بها عند شرب الخمر بل قال بعض الحنفية إن بدء شرب الخمر بها كفر، لكن الصواب التفصيل وهو أن يقال من كان يقصد بها التبرك في شرب الخمر كفر، وإن كان القصد السلامة من ضررها فهو حرام وليس كفرًا، والبدء بالبسملة عند المكروه مكروه.
ويقدّر متعلق الجار والمجرور فعلاً أو اسمًا فالفعل كأبدأ والاسم كابتدائي. وكلمة “الله” علمٌ على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو غير مشتق.
{الحمد لله رب العالمين}
الحمد: هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، والحمد لله هو الثناء على الله بما هو أهله لإنعامه وإفضاله وهو مالك العالمين، والعالم هو كل ما سوء الله، سمي عالمًا لأنه علامة على وجود الله.
{الرحمن الرحيم}
الرحمن من الأسماء الخاصة بالله ومعناه أن الله شملت رحمته المؤمن والكافر في الدنيا وهو الذي يرحم المؤمنين فقط في الآخرة قال تعالى: {ورحمتي وسِعت كلَّ شئ فسأكتبُها للذينَ يتقون} [سورة الأعراف/156]، والرحيم هو الذي يرحم المؤمنين قال الله تعالى: {وكان بالمؤمنين رحيمًا} [سورة الأحزاب/43]، والرحمن أبلغ من الرحيم لأن الزيادة في البناء تدل على الزيادة في المعنى.
{مالك يوم الدين}
أي أن الله هو المالك وهو المتصرف في المخلوقات كيف يشاء، ويوم الدين هو يوم الجزاء، فالله مالك للدنيا والآخرة، إنما قال: مالك يوم الدين إعظامًا ليوم الجزاء لشدة ما يحصل فيه من أهوال.
{إياك نعبد وإياك نستعين}
أي أن الله تعالى وحده هو المستحق أن يُتذلل له نهاية التذلل، وهو الذي يُطلب منه العون على فعل الخير ودوام الهداية لأن القلوب بيده تعالى. وتُفيد الآية أنه يستعان بالله الاستعانة الخاصة، أي أن الله يخلق للعبد ما ينفعه من أسباب المعيشة وما يقوم عليه أمر المعيشة، وليس المعنى أنه لا يستعان بغير الله مطلق الاستعانة، بدليل ما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي: “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.
{اهدنا الصراط المستقيم}
أي أكرمنا باستدامة الهداية على الإسلام.
{صراط الذين أنعمتَ عليهم}
أي دين الذين أكرمتهم من النبيين والملائكة.
{غير المغضوب عليهم* ولا الضالين}.
وءامين ليست من القرءان إجماعًا، ومعناها اللهم استجب.
ويسن قولها عقب الفاتحة في الصلاة،
وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري وأصحاب السنن: “إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا ءامين”. وكذلك يُسن للمنفرد.إ.هـ