إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

الحمد لله رب العالَمين وصلَّى الله عليى سيدنا محمد على ءاله وصحبه الطيّبين الطاهِرِين أمّا بعد،
 
اعلَم أنّ الذين بُشّروا بالجنةِ في مجلِس واحِد، في نَسَقٍ واحِدٍ سمّاهُم الرّسولُ عشَرةً، لكنّ الرّسولَ بَشّرَ غَيرَ هؤلاءِ أيضًا، بشَّرَ شَخصًا بمفرَدِه وبَشّرَ ثَلاثةً، مرّةً قال (أبو بكرٍ في الجنّةِ وعُمر في الجنّة وعثمان في الجنّةِ وعليٌّ في الجنّةِ وطَلحةُ في الجنّة والزّبير في الجنّة وعَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عوفٍ في الجَنَّةِ وسَعْدُ بنُ أبي وقَّاصٍ في الجَنَّةِ وأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ في الجَنَّةِ وسَعِيْدُ بنُ زيدٍ في الجَنَّةِ) رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه والنسائي والطبراني في المعاجم الثلاثة وابن حبان في صحيحه، والطيالسي وابن أبي عاصم والضياء المقدسي وأبو نعيم وابن أبي شيبة وغيرهم.
 
هؤلاء يقال لهم العشَرة المبشّرون، وهناكَ أُناسٌ بشّرهُم على وَجْه الإفراد، ومِنهم عبدُ الله بنُ سَلام الذي كان يَهوديًّا وكانَ أَعْلَمَ عُلَماء اليهودِ مِن أهلِ المدينة ثم أَسْلَم وحَسُنَ إسْلامُه، هذا بشّرَهُ الرّسولُ بالجنّة، رواه مسلم وغيره.
 
وقالَ عن عليّ وبلالٍ وعمّار (إنّ الجنّةَ تَشتاقُ إلى ثلاثةٍ عَليّ وعمّار وبلال) رواه الترمذي وغيره.
 
وبشَّر أيضًا أهلَ أُحُدٍ وأهلَ بَدْرٍ وأهلَ بَيْعَةِ الرِّضْوان فقال (لا يَدخُل أحَدٌ مِمَّن شَهِدَ بَدْرًا والحُدَيْبِيَة النّارَ) رواه الطبراني وابن ماجه.
 
وثبت أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر بأن الحسن والحسين سَيِّدا شبابِ أهلِ الجنة، وأن عُكاشَةَ منهم، وثابتُ بن قيسٍ وغيرُهم.
 
أمّا مِن النِّساءِ فقَد بَشّرَ أُمَّ حَرامٍ بنتَ مِلْحَان، وبَشّرَ أُمَّ وَرقَة، هذه أمّ ورقَة كانت طلَبت منْ رسولِ الله أنْ يَأذَنَ لها بأنْ تَؤُمَّ أهلَ دارِها أي النّساءَ فأَذِنَ لها، وكانَ يقولُ لأبي بكرٍ وعُمَر (قُومُوا بنا نزُور الشّهيدة)، ثم فُسِّرَ كلامُ رسولِ الله بعدَ وفَاتِه وذلكَ أنّ أمَّ ورَقَة كانَ لها عَبِيد (تَستَعبِدُهم) بالطّريقة الشّرعية فهَجَما عليها ذاتَ يومٍ وغَمّاها، خَنقَاها، فمَاتَت، تحققَت لها الشّهادةُ فهيَ مِن أهلِ الجنّة لأنها قُتِلَت ظُلمًا، وهذه الحادثةُ حصَلَت في خِلافةِ عُمَرَ، فأَدْرَك عُمَرُ هذين العَبْدين المملُوكين فقتلَهُما قِصَاصًا.
هذان العَبدان ما وَرَدَ عنهُما شَىءٌ في ذلكَ لكنّ الظّاهرَ أنهما كانا مسلمينِ لكنّهما فاسِقان حدّثَتهُما أنفُسهما (كيف نَظَلُّ في استِعبادِ هذه المرأةِ) فأَرادا أن يَقتُلاها ثم يَفِرّا حتى يَعِيشَا حُرَّين.
 
والله سُبحانه وتعالى أعلم وأحكم.