إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبي صلّى الله عليه وسلم (إنّ امرأةً بغِيًّا رأَت كَلبًا في يومٍ حَارّ يَطِيفُ ببِئرٍ قَد أدْلَع (1) لِسَانه منَ العَطش فنَزعَت لهُ بمُوقها فغفرَ لها) رواه البخاري ومسلم.
 
اللهُ تباركَ وتعالى إذا أرادَ أن يُنقِذَ عبدَه المسلمَ ينقِذُه بأيّ حسَنةٍ منَ الحسَناتِ مِنْ عذَابِه، يمحُو عنهُ الكبيرةَ والصّغيرةَ وقَد ذُكِر في حديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنّ امرأةً في بني إسرائيلَ أيْ مسلِمةً، هذا قبلَ الرّسولِ عليه السلام، الرسولُ عليه السلام مِن طَريق الوَحْي يتَحدَّث، ليسَ عمّا حصلَ في زمانِه، امرأةٌ كانَت بغِيّا أي زانيةً ذاتَ يومٍ وَجَدت كلبًا يَلهَث منَ العطَش أي مدَّ لها لِسانَه فرَقَّ لهُ قَلبُها فأرادَتْ أن تَرحمَه أنْ ترحَمَ هَذا الكلبَ مِنَ العَطَش الذي بلَغَه للهِ تعالى، هيَ نَوتْ للهِ تَعالى، فمَا وجَدَتْ شَيئًا تَأخُذُ بهِ الماءَ منَ البِئرِ وتَسقِيْ به هذا الكَلبَ، فخَلَعَت حذاءَها فأخَذَتْ فيهِ الماءَ وسَقَتِ الكَلبَ فغَفَرَ اللهُ لها، يعني محَى ذَنبَ زِناهَا الذي كانت تتَعاطَاه، لكنْ ليسَ مَعنى هَذا الحديثِ أنّ أيَّ إنسَانٍ إذا عَمِلَ مِن هذا الفِعلِ تُمحَى عَنهُ الذّنُوبُ الكَبِيرَةُ كالزّنى، هذا معناهُ قَد يَحصُلُ لبَعضِ النّاس.
 
(1) قوله أدلع أي أخرج.