إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ و آلِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحينَ.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن عباد الله يشدد عليهم)، فالأنبياء والأولياء يشدّد عليهم قبل الموت وعند الموت ليعظم أجرهم، لأنهم يصبرون، كذلك في حياتهم يشدّد عليهم، فمن نظر في سيرة الأنبياء وجد أنهم أشدّ الناس بلاء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه) معناه كلما كان الإنسان شديدا في أمر الدين، صلبا في أمر الدين، متمسكا بالدين كلما كان بلاؤه أشدّ وأعظم حتى ترتفع درجاته عند الله، ليس لأنه هيّن على الله، لا، بل الأولياء والأنبياء وسائر الصالحين كرماء على الله تعالى.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم مرض مرضا شديدا قبل وفاته، ثلاث مرات في مرض وفاته غشي عليه، في أوقات متوالية، كان يصبّ عليه الماء فيفيق، الرسول صلى الله عليه وسلم كانت الحمى أي السخونة التي تصيبه كحمى رجلين، لأن مرتبته أعلى، صبره أقوى، ورضاه بقضاء الله أقوى من غيره.
ويوجد عند الموت امتحان، الله تعالى يمتحن عباده، بعضهم يصبرون لا يقولون شيئا مما لا يرضاه الله، وبعض الناس يكفرون والعياذ بالله.
الشيطان تلك الساعة يبذل جهده في إغواء ذلك الشخص عند الموت، بعض الناس عند الموت يشتد بهم المرض والعطش، فلا يستطيعون تحريك أيديهم لتناول الماء، فيظهر الشيطان ويظهر له شيئا على هيئة شراب فيقول له: إن كفرت أنا أسقيك، وبعض الناس يثبتهم الله تعالى، وبعض الناس يكفرون والعياذ بالله.
واعلموا أن من عصى الله تبارك وتعالى بسبب وقوع المصيبة فقد ذهب عليه ثواب تلك المصيبة، وثواب الصابر عند الله عظيم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) وقال الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ).
اللهم اجعلنا من عبادك الصابرين، واجعلنا من المتقين، وتقبل طاعاتنا، وأكرمنا برؤية سيّد المرسلين عليه الصلاة والسلام، وءاخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.