إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

رَوَى التِّرْمِذِىُّ بِإِسنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ فَتَقَعُ فِى كَفِّ الرَّحْمٰنِ فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تُصْبِحَ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ)، مَعنَاهُ إِذَا تَصَدَّقَ الْعَبْدُ بِصَدَقَةٍ مِنْ حَلالٍ وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الْحَلالَ
 
قَولُهُ (تَقَعُ فِى كَفِّ الرَّحْمٰنِ) أَيْ تَقَعُ مَوْضِعَ القَبُولِ،
 
وَأَمَّا قَولُهُ (فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تُصْبِحَ كَالْجَبَلِ العَظِيمِ) فَمَعنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تعَالَى يُضاعِفُ حَسَنَاتِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ حَتَّى تَكُونَ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ أَىْ كَأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِقَدْرِ جَبَلٍ مِنَ الصَّدَقَةِ وَأَمَّا الْمَالُ الْمَشْبُوهُ فَلَيْسَ فِيهِ هَذَا الْفَضْلُ الْعَظِيمُ،
 
وَأَمَّا قَولُهُ (الْفَلُوُّ) فَهُوَ وَلَدُ الْفَرَسِ.
 
فائدة:
 
قال الله تعالى (وأن إلى ربك المنتهى)، قال أبي بن كعب (إليه ينتهي فكر من تفكر) معناها أفكار العباد لا تتوصل إلى الإحاطة بذات الله، فنؤمن بالله من غير أن نتمثله في قلوبنا أو نتصوره لأن المتصور مخلوق والله خالق وليس بمخلوق.