إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ وَغَيْرُهُ، مَعْنَاهُ تَحَفَّظُوا مِنَ الْبَوْلِ أَىْ لا يُلَوِّثِ الْبَوْلُ جِلْدَكُمْ إِلَّا مَحَلَّ الْخُرُوجِ أَىْ لا يَجُوزُ أَنْ تَتْرُكَ الْبَوْلَ يَنْتَشِرُ وَيُلَوِّثُ مَا يَلِى مَحَلَّ الْخُرُوجِ إِلَّا الْقَدْرَ الَّذِى لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَهُوَ الْمَخْرَجُ.
 
وروى البخاري ومسلم والترمذيّ وأبو داود والنسائي عن ابن عباس مَرّ رسُولُ الله على قبرين فقال إنّهما ليُعَذّبانِ وما يُعذّبان في كبير إثم (أي فيما يرى الناس)، قال بلى (أي هو كبير)، أمّا أحَدُهُما فكان يمشي بالنّميمة، وأما الآخرُ فكَانَ لا يَسْتَتِرُ من البَوْلِ (أي لا يتحفظ منه بل يتلوث به)، ثم دَعا بعسِيب رَطْبٍ فشَقّهُ اثنين فغَرسَ على هذا واحدًا وعلى هذا واحدًا، ثم قال لعَلّهُ يُخَفّفُ عنهما.
 
النميمة هي نقل الكلام بين اثنين للإفساد بينهما يقول لهذا فلان قال عنك كذا ويقول للآخر فلان قال عنك كذا لِيُوقِعَ الشحناء.
 
وأما الآخر فكان لا يستتر من البول أي كان يتلوّث بالبول وهذا من الكبائر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ) معناه تحفّظوا من البول لئلا يُلوّثكم، معناه لا تلوّثوا ثيابكم وجلدَكم به لأنّ أكثر عذاب القبر منه.