إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
بسم الله الرحمن الرحيم
تنبيه وتوضيح
الرواية التي في صحيح مسلم ليست صحيحة لأمرين:
أولاً: الاضطراب.
الاضطراب معناه أن يُروى الحديث بعدّة ألفاظ بِحيث لا يمكن الجمع بينها.
وعلماء مصطلح الحديث قالوا: الاضطراب علةٌ للضَّعف.
• الحديث روي بعدة ألفاظ:
1. بلفظ: أين الله، فقالت في السماء. (رواية مسلم)
2. بلفظ: من ربكِ، فقالت: الله.
3. بلفظ: أين الله، فأشارت إلى السماء.
4. بلفظ: أتشهدين أن لا إلـٰه إلا الله، قالت: نعم. (رواية مالك).
ثانيًا: أن رواية أين الله مخالفة للأصول.
لأن من أصول الشريعةِ أن الشخصَ لا يُحكمُ له بقولِ (الله في السماء) بالإسلام بسبب:
• أن هذا مُشتركٌ بين اليهود والنصارى.
• والأصل المعروف في شريعة الله ما جاء في الحديث المتواتر: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلـٰه إلا الله وأني رسول الله)).
أما لفظ رواية مالك موافق للأصول.
فإن قيل كيف تكون رواية مسلم مردودةً مع إخراج مسلمٍ له في كتابهٍ وكلُّ ما رواهُ مسلمٌ موسوم بالصحة ؟
فالجواب: أن عددًا من أحاديثِ مسلمٍ ردّها علماء الحديث وذكرها المحدثون في كتبهم:
1. حديث أن الرسول قال لرجل: إن أبي وأباك في النار، (ضعفه السيوطي).
2. حديث إنه يُعطى كل مسلمٍ يومَ القيامة فداءً له من اليهودِ والنصارى، (ردّه البخاري).
3. حديث أنسٍ: صليتُ خلفَ رسول الله وأبي بكر وعمر فكانوا لا يذكرون بسم الله الرحمٰن الرحيم، (ضعفه الشافعي وعدد من الحفاظ).
4. حديث الجارية: ضعفه الإمام أحمد وقال عنه السيوطي إنه لا يثبت.
فهذا الحديث على ظاهره باطل لمعارضتِهِ الحديث المتواتر المذكور.
والقاعدة: أنّ ما خالف المتواتر فهو باطل إن لم يقبل التأويل، اتفق على ذلك المحدثون الأصوليون.
لكن بعض العلماء أوّلوهُ على هذا الوجه فقالوا:
• معنى قوله أين الله: سؤالٌ عن تعظيمها لله.
• وقولها في السماء: عالي القدر جدًّا.
والله أعلم وأحكم