إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ و آلِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحينَ.
 
حديث (الرّاكبُ شَيطانٌ والرّاكبانِ شَيطَانان) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن، معناه أساء، معناه عُرضة للخطر.
 
قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر (الراكبُ شيطانٌ والراكبانِ شيطانانِ والثلاثةُ رَكْبٌ) يعني أنّ الانْفِرادَ والذّهابَ في الأرضِ على سَبيل الوَحْدة مِن فِعْل الشَّيطانِ أو شىءٌ يَحْمِله عليه الشّيطانُ، وكذلك الرَّاكبانِ وهو حَثٌّ على اجْتماع الرُّفقَة في السّفَر، وروى عن عمر أنّه قال في رَجُل سافَرَ وَحْدَه أرأَيتُمُ إنْ ماتَ مَنْ أسألُ عنه؟
 
قال ابنُ حجَر في فتح البارئ (وقال الطّبري هذا الزّجرُ زَجرُ أدَبٍ وإرشَاد لـما يُخشَى على الواحِد مِنَ الوَحْشَةِ والوَحْدَةِ وليسَ بحَرام فالسّائرُ وحْدَه في فَلاةٍ وكَذا البائتُ في بيتٍ وحْدَه لا يَأمَنُ مِنَ الاستِيحاش لاسيّما إذا كانَ ذا فِكرَةٍ رديئةٍ وقَلبٍ ضَعِيف والحَقُّ أنّ النّاسَ يتَبايَنُون في ذلكَ فيَحتَمِلُ أن يكونَ الزّجرُ عن ذلكَ وقَع لحَسْم الـمادّة فلا يتَناول ما إذا وقَعت الحاجةُ لذلك، وقيلَ في تفسير قولِه (الرّاكبُ شَيطانٌ) أي سَفَرُه وحْدَه يحمِلُه عليه الشّيطان أو أشْبَه الشّيطان في فِعلِه، وقيل إنـما كُره ذلك لأنّ الواحِدَ لو مات في سفره ذلكَ لـم يجِد مَن يقُوم عليه وكذلكَ الإثنان إذا ماتَا أو أحدُهما لـم يجِد مَن يُعِينُه بخِلاف الثّلاثة ففي الغالِب تُؤمَنُ تلكَ الخَشيَة).
 
قال في تحفة الأحوذي (والثلاثةُ ركْبٌ) أي جماعَة.