روى الإمام مَالِكٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ).
قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ (ولَا يُقْبَلُ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ (وقبله الشافعيّ) يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ (الشاهد) الْوَاحِدُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ فَلَمْ يُقْبَلْ فِيهَا أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ أَصْلُ ذَلِكَ سَائِرُ الْحُقُوقِ، وَقَوْلُهُ (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ) يُرِيدُ مَنَعَكُمْ مِنْ رُؤْيَتِهِ سَحَابٌ أَوْ غَيْرُهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ غَمَمْتُ الشَّيْءَ إذَا سَتَرْتُهُ، فَاقْدُرُوا لَهُ يُرِيدُ قَدِّرُوا لِلشَّهْرِ، وَتَقْدِيرُهُ إتْمَامُ الشَّهْرِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ ثَلَاثِينَ لِأَنَّ الشَّهْرَ إنَّمَا يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا بِالرُّؤْيَةِ فَأَمَّا بِالتَّقْدِيرِ فَلَا يَكُونُ إلَّا ثَلَاثِينَ).
ثم قال رحمه الله (إن من خالف في ذلك فالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، وإن من يَصُومُ وَيُفْطِرُ عَلَى الْحِسَابِ فإنَّهُ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَلَا يُتَّبَعُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ فإنه لَا يُعْتَدُّ بِمَا صَامَ مِنْهُ عَلَى الْحِسَابِ وَيَرْجِعُ إلَى الرُّؤْيَةِ وَإكَمَالِ الْعَدَدِ، فَإِنْ اقْتَضَى ذَلِكَ قَضَاءَ شَيْءٍ مِنْ صَوْمِهِ قَضَاهُ).
الباجي فقيه مالكي كبير من رجال الحديث، أبو الوليد سليمان بن خلف القرطبي الباجي الأندلسي توفّي 474 هـجرية.