إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمَاهِرُ بِالْقُرْءَانِ مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْءَانَ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ وَيُتَعْتِعُ فِيهِ لَهُ أَجْرَانِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الْمَاهِرُ مَعْنَاهُ الَّذِى يُكْثِرُ قِرَاءَةَ الْقُرْءَانِ وَلا يَشُقُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ سَهَّلَهُ عَلَيْهِ، أَمَّا الَّذِى يَقْرَأُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ فَهُوَ الَّذِى يَقْرَأُ وَيُصَحِّحُ الْقِرَاءَةَ لَكِنْ مَعَ مَشَقَّةٍ هَذَا لَهُ أَجْرَانِ، أَمَّا الْمَاهِرُ مَعَ الْمَلائِكَةِ الْبَرَرَةِ مَعْنَاهُ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ ذَاكَ.
ليسَ مَعنَى (ويتتعتعُ فيهِ) أَنَّهُ يُخْطِئُ فى القِراءَة يُغَيِّرُ وَيُحَرِفُ وَيُبَدِّلُ فى مخارِج الحُروف أو بالحركات بِحَيثُ يُخطِئُ! ليس هذا مَعناهُ لأَنَّهُ لَو كانَ يُخْطِئُ فى القراءَةِ لا يَكونُ لَهُ أَجْر فَضْلًا أَن يَكونَ لَهُ أجْرانِ لأَنَّهُ أَخْطأَ فِى القراءَة والْمُخطِئُ فِى القراءَةِ أَنّى يَكونُ لَهُ أَجر!؟؟
ولكِن مَعنى قَوْلِهِ، صلَى الله عليهِ وسَلّم (ويتتعتعُ فيهِ) يعنِى يَقرؤُهُ وَيَبذُلُ جُهْدَهُ حَتّى يُخْرِجَ كُلَّ حَرْفٍ مِن مَخْرَجِه، فَيَجدُ ذلِكَ شاقًا عَلَيهِ وَمَع ذلِكَ يَتَحَمَّلُ المشَقَّة، حَتّى يُخْرِجَ كُلَّ حَرْفٍ مِن مَخْرَجِه، لَهُ أجْرانِ، لَهُ أَجر زائِد لِزِيادَةِ تَعَبِهِ.
بَعضُ النّاسِ يَحسَبُ أَنَّ قَوْلَهُ عليهِ الصلاةُ والسَلام (وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ) يعنِى يُخطِئُ فِى القِراءَة وَيَلْحَن وَيُغَيِّر فِى الحَركات وَلا يُخْرِجُ الحُروفَ من مخارِجِها وَمع ذلك لَه أَجران! كيفَ يَكُونُ لَهُ أَجْرَيْن وَهُوَ يخْطِئُ فِى كِتابِ الله؟؟
قال الله تعالَى ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ معناهُ يَقرؤُونَ القُرءانَ قِراءَةً صَحيحَةً مُوافِقَةً لِقِراءَةِ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وَسَلّم، القِراءَة التي تَلَقّاها الرسولُ مِن جِبريل عَليهِ السلام ثُمّ الرّسولُ عَلّمها الصحابَة، ثُمّ الصّحابَةُ عَلَّمُوها التّابِعين، ثُمّ التّابِعُونَ أَتباعَهُم ثُمّ الأَتباعُ عَلَّموها الذي تَبِعُوهُم حَتّى وَصَلت إِلينا بِالإِسنادِ المتَّصلِ مِن أَصحابِ الرّسُول إِلَيْنا.
اللَّهُمَّ فقهنا في الدين واجعلنا خدَّامًا له.