إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

ما وَرَدَ في الحديث الذي رواه البخاري ومسلمٌ وأبو داود وابن ماجه والنَسائيُ وأحمدُ وغيرُهم (عَلَيْكُم بِمَا تُطِيقُون، فَوَاللهِ لا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا)  إنّما هو علَى ما يُوافِقُ عَقِيدةَ المسلِمين، علَى ما يُوافِقُ القُرءان والحَدِيثَ وإجماعَ الأُمّة.
 
قال الإمامُ أبو الحَسَن ابنُ بَطَّالٍ (ت 449هـ) في شرحه على البخاريّ ما نَصُّه (وقد قال صلى الله عليه وسلم (إنَ اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا) يعني أنّ الله لا يَقْطَعُ الْمُجَازاةَ عَلَى العِبَادَةِ حَتَّى تَقْطَعُوا العَمَلَ، فأخرج لَفْظَ الْمُجَازاةِ بِلَفْظِ الفِعْلِ، لأنَّ الْمَلَلَ غَيْرُ جَائِزٍ علَى اللهِ تَعالَى وَلا هُوَ مِن صِفَاتِه). انتهى
 
وقال الإمام النوويّ (ت 676هـ) في شرحه على صحيح مسلم (قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمَلَلُ وَالسَّآمَةُ بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ فِي حَقِّنَا مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ، قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مَعْنَاهُ لَا يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الْمَالِّ فَيَقْطَعُ عَنْكُمْ ثَوَابَهُ وَجَزَاءَهُ وَبَسْطَ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلَكُمْ). انتهى
 
وقال ابن حَجَر العسقلاني (ت 852هـ) في شرحه على صحيح البخاري ((لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا) وَالْمَلَالُ اسْتِثْقَالُ الشَّىءِ وَنُفُورُ النَّفْسِ عَنْهُ بَعْدَ مَحَبَّتِهِ وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِاتِّفَاقٍ). انتهى