إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ فَإِنَّهُ يَنْزِلُ لَيْلَةً مِنَ السَّنَةِ وَبَاءٌ لا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَمْ يُغَطَّ وَلا بِسِقَاءٍ لَمْ يُوكَأْ إِلَّا وَقَعَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ) رواه أحمد والبخاري ومسلم، وَالسِّقَاءُ هُوَ مَا يُوضَعُ فِيهِ اللَّبَنُ أَوِ الْمَاءُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَبَاءَ يَطْلُبُ الإِنَاءَ الَّذِى هُوَ مَفْتُوحٌ فَيَدْخُلُ فِيهِ.
 
وَكَذَلِكَ عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقُولَ عِنْدَ إِطْفَاءِ السِّرَاجِ أَىِ الضَّوْءِ بِسْمِ اللَّهِ كُلُّ هَذَا مِنَ الآدَابِ الَّتِى عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَنْفَعُنَا فِى مَعِيشَتِنَا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى ذَلِكَ عَوْنٌ لِأُمُورِ ءَاخِرَتِنَا أَيْضًا.
 
فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْزِلُ فِى كُلِّ سَنَةٍ وَبَاءٌ وَهُوَ الْمَرَضُ الْمُنْتَشِرُ فَإِذَا وَجَدَ إِنَاءً غَيْرَ مُغَطًّى أَوْ سِقَاءً غَيْرَ مُوكَإٍ أَىْ غَيْرَ مَرْبُوطٍ فَمُهُ أَىِ الْكِيسَ وَنَحْوَ ذَلِكَ نَزَلَ فِيهِ، وَلَمْ يُعَيِّنِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَيَنْبَغِى الِاحْتِيَاطُ طِيلَةَ أَيَّامِ السَّنَةِ.