إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
رَوَى ابْنُ عَبْدِ البَرِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَفِقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ) مَعنَاهُ إِنْسَانٌ تَعَلَّمَ العَقِيدَةَ وَعَلِمَ الأَحْكَامَ هَذَا أَشَدُّ عَلَى الشَّيطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ يَعنِى مِنْ أَلْفِ إِنْسَانٍ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ يَصُومُ رَمَضَانَ وَغَيْرَهُ وَيَقُومُ اللَّيَالِىَ وَالنَّاسُ نَائِمُونَ لَكنَّهُ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِى الدِّينِ إِنَّمَا هَمُّهُ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَيُكْثِرَ التَّرَدُّدَ إِلَى الْمَسَاجِدِ أَهْمَلَ التَّعَلُّمَ مِنْ أَهْلِ الْمَعرِفَةِ وَتَرَكَهُ.
فَيُفْهَمُ مِن هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الفَقِيهَ أَىِ العَالِمَ يَسُدُّ عَلَى نَفسِهِ مَدَاخِلَ الشَّيْطَانِ لِإِفْسَادِ عِبَادَتِهِ عَلَيْهِ أَمَّا الْجَاهِلُ يُمَشِّى عَلَيهِ الشَّيطَانُ دَسَائِسَهُ فَيَفْعَلُ الْعِبَادَةَ وَقَدْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ مَا يُفْسِدُ عِبَادَتَهُ وَهُوَ لا يَدْرِى.