إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
عَنْ أَبِي مُوْسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم (لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ) رواه البخاري ومسلم وأحمد والبزار والنسائي وابن ماجه والترمذي والبيهقي وابن حبان، الفَرَحُ هُنَا مَعنَاهُ الرّضَى.
قال الإمام الحافظ اْبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبى المعروف بالقاضي عياض المتوفى سنة 544 هجرية رحمه الله تعالى في كتاب اكمال المعلم بفوائد مسلم ج 8 ص 249:
قوله (والله لله أشد فرحا بتوبة عبده) الحديث، قال الإمام (أي المازري) (الفرح يتصرف على معان منه اْنه يرادَ به السرور ولكن السرور يقارنه الرضى بالمسرور به فالمراد هنا أن الله (سبحانه) يرضى بتوبة العبد أشد مما يرضى الواجد لناقته بالفلاة، فعبر بالرضا بالفرح تأكيدا لمعنى الرضا فى نفس السامع، ومبالغة فى معناه).
المازري هو أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التَّميمي المازَري، إمام المالكية في عصره، ومن المحدّثين المشهورين، بلغ درجة الاجتهاد المُطلق، حتى سُمِّي بالإمام.
قال عنه القاضي عياض (هو آخر المتكلمين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودقّة النظر، لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض أفقه منه ولا أقوم بمذهبه).
تُوفّي سنة 536 هـ في مدينة المهدية ودُفن في المنستير في تونس.