إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَيْلٌ لِلْعَربِ مِنْ شَرّ قَد اقْتَرَب) رواه البخاري ومسلم، معناهُ سيُصيبُ العَربَ فِتَنٌ وقَلاقلُ وأَذًى مِنَ الكُفّارِ فِيمَا بَعدُ، وقَد حَصلَ مَا أَخْبَرَ بهِ الرّسولُ مَرَّاتٍ وسَيحصُلُ أيضًا، لكنّ المسلِمَ المصَائبُ لهُ كفّاراتٌ ورَفعُ درَجاتٍ لكنْ في الدُّنيا تَتنكّدُ عِيشَتُه لكنْ يَنالُ الأجرَ على المصَائب والبَلايا إنْ صبَرَ، وأمّا القَتلُ فكُلّ مُسلِم يُقتَلُ ظُلمًا فهوَ شَهِيدٌ، لكنّ بعضَ النّاسِ عندَ المصَائبِ قَد يَكفُرونَ، أمّا مَنْ ثَبَت على الإيمانِ فالمصَائبُ التي تُصِيبُه تُفِيدُه رَفْعَ دَرَجَاتٍ أو تَكفِيرَ سَيّئاتٍ، وإنْ قُتِلَ بأَيْدِي الكُفّارِ يَكُونُ شَهِيدًا، وإنْ قُتِلَ بِيَدِ مُسلِم ظُلمًا يَكونُ شَهِيدًا، لكنّ بعضَ النّاسِ عندَ المصَائبِ والبَلايا يَكفُرونَ، يَنفَتِنُونَ، فالوَيلُ لأولئكَ الذينَ لا يَصْبِرُونَ ويَنفَتِنُونَ.
ومِن جملةِ الصّبرِ على المصِيبةِ الذي فيه كفّارةُ خَطَايا ورَفْعُ درَجاتٍ الصّبرُ على الفَقر، فالذي لا يمُدُّ يدَه إلى الحرام مِن أَجْلِ الفَقر، بل يَصْبرُ فلَهُ أَجْرٌ عظِيمٌ، والذي كانَ في سَعَةٍ وغِنًى ثم افتَقَر إنْ صَبر ولم يمدَّ يَدَهُ لجلبِ المالِ مِنْ حَرامٍ لهُ أَجْرٌ كبِيرٌ يمحُو اللهُ عنهُ الخطَايا ويَرفَعُه درَجاتٍ، لكنّ بعضَ الناسِ إنْ أصَابهم الفَقرُ يمُدّونَ أيْدِيَهُم إلى الحرامِ هؤلاءِ هَلَكُوا، الصّبرُ أَمْرٌ عظِيمٌ وفيهِ خَيرٌ كثير، الصّبرُ عن المعاصِي هَذا شدِيدٌ والصّبرُ على مشَقّاتِ العِباداتِ ومَشَقّاتِ الفَقرِ وعلى أذى النّاسِ هَذا أيضًا فيهِ فائدةٌ للمُسلِم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا إله إلا اللهُ وَيلٌ للعَربِ مِن شَرٍّ قَد اقتَربَ فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأجُوجَ ومَأجُوجَ مِثل هذِه وحَلّقَ بإصبعَيْه الإبهامِ والتى تلِيْها قيلَ يا رسولَ الله أَنهلِكُ وفِينا الصّالحونَ قالَ نعَم إذَا كَثُرَ الخبَثُ) رواه ابن أبى شيبة والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه عن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة بنت أبى سفيان عن زينب بنت جحش، والطبرانى وأحمد عن زينب عن حبيبة بنت أم حبيبة عن أمها أم حبيبة عن زينب بنت جحش.