إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

شرح صِفَة الْوُجُود للهِ تعالى

 

   اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْجُودٌ أَزَلًا وَأَبَدًا فَلَيْسَ وُجُودُهُ تَعَالَى بِإِيْجَادِ مُوجِدٍ.

 

وَقَدِ اسْتَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ قَوْلَ (اللَّهُ مَوْجُودٌ) لِكَوْنِهِ عَلَى وَزْنِ مَفْعُولٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَفْعُولًا قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ فِعْلُ الْغَيْرِ كَمَا نَقُولُ: اللَّهُ مَعْبُودٌ وَهَؤُلاءِ ظَنُّوا بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّ لَهُمْ نَصِيبًا فِي عِلْمِ اللُّغَةِ وَلَيْسُوا كَمَا ظَنُّوا.

 

قَالَ اللُّغَوِيُّ الْكَبِيرُ شَارِحُ الْقَامُوسِ الزَّبِيدِيُّ فِي شَرْحِ الإِحْيَاءِ مَا نَصُّهُ (وَالْبَارِئُ تَعَالَى مَوْجُودٌ فَصَحَّ أَنْ يُرَى) وَقَالَ الْفَيُّومِيُّ اللُّغَوِيُّ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ (الْمَوْجُودُ خِلافُ الْمَعْدُومِ).

 

   الأَصْلُ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْعَقِيدَةُ الإِسْلامِيَّةُ مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَمَعْرِفَةُ رَسُولِهِ، فمَعْرِفَةُ اللَّهِ هُوَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ تَعَالَى مَوْجُودٌ فَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِذَلِكَ، فَلا مَوْجُودَ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ إِلَّا اللَّهُ قَالَ تَعَالَى ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾ [سُورَةَ الْحَدِيد3].