إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
سؤال: نريد الدليل الشرعي على عدم وجوب صلاة الجمعة على النساء لنرد على شخص يدعي المشيخة يجهر بفرضية الجمعة على النساء؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وءاله وصحبه، أما بعد، اتفق أهل العلم على أن صلاة الجمعة لا تجب على النساء، وأنهن يصلين في بيوتهن الظهر أربعا يوم الجمعة.
قال الفقيه الإمام الكبير المجتهد أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري في شرح التلقين، باب الجمعة، ما الدليل على اشتراط الذكورية؟
فالجواب أن يقال أما سقوط الجمعة عن النساء فإذا قلنا إن قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ) خطاب ورد بصيغة التذكير ولا يدخل النساء في خطاب ورد بصيغة التذكير، لم يكن علينا دليل في إسقاط الجمعة عنهن لأن الأصل عدم التكليف، وإن قلنا بأنهن يدخلن في مثل هذا الخطاب قلنا روى طارق بن شهاب قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلّ مُسلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلاَّ أَربَعَة عَبدٌ مَملُوكٌ أَو امرَأَةٌ أَو صَبِيٌّ أَو مَرِيضٌ (1)) وهذا وإن كان خبر واحد فالتخصيص لعموم القرآن بخبر واحد فيه خلاف بين أهل الأصول، فإن قلنا بالتخصيص به استقل الخبر (2) دليلأ وإن لم نقل بالتخصيص به استدللنا بالإجماع على أن لا جمعة عليهن، وهذا الحديث فيه دلالة على ما ذكره القاضي أبو محمَّد من اعتبار البلوغ لقوله البلوغ مع أن الصبي قد اشتهر في وضع الشرع سقوط التكليف عنه وعن المجنون ولهذا لم نفردهما بالسؤال.
ويقول ابن المنذر رحمه الله في الإجماع رقم 52 (وأجمعوا على أن لا جمعة على النساء). انتهى
والدليل على ذلك كما ذكر المازري حديث طارق بن شهاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلّ مُسلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلاَّ أَربَعَة عَبدٌ مَملُوكٌ أَو امرَأَةٌ أَو صَبِيٌّ أَو مَرِيضٌ) رواه أبو داود 1067.
وقال النووي في المجموع (4 – 483) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال ابن رجب في فتح الباري (5 – 327) إسناده صحيح، وقال ابن كثير في إرشاد الفقيه (1 – 190) إسناده جيد، وانظر بدائع الصنائع (1 – 258).
قال ابن المنذر رحمه الله في الإجماع رقم 52 – 53 (وأجمعوا على أنَّهن إن حضرن الإمام فصلَّينَ معه أن ذلك يجزئ عنهن). انتهى
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني (2 – 88) (ولكنها تصح منها (أي الجمعة) لصحة الجماعة منها، فإن النساء كن يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجماعة). انتهى
وقال النووي في شرحه على المهذب ج 4 – 484 ما نصه (ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أنها (أي المرأة) لو حضرت وصلّت الجمعة جاز، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كن يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال، ولأن اختلاط النساء بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام). اهـ
أما صلاة الجمعة في البيت منفردًا فلا يصح ذلك من رجل أو امرأة لأن صلاة الجمعة لا تصح إلا جماعة كما سبق في قول الرسول صلى الله عليه وسلم (الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلّ مُسلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ).
(1) أخرجه أبو داود والدارقطني والبيهقي والحاكم الهداية ج 3 ص 254.
(2) الخبر = ساقطة -و-.
والله أعلم.