إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
وقال الفقيه الإمام الكبير أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري المَالكي في شرح التلقين، كتاب الطهارة، باب المياه وأحكامها، فصل وهل يزاد على التشهد الأول؟
والجواب أن يقال (التشهد الأول) روى ابن زياد عن مالك رضي الله عنه أنه ليس بعد التشهد الأول موضع للدعاء، وروى ابن نافع أن له أن يدعو بما شاء وقال الشعبي من زاد على التشهد سجد سجدتي السهو وكأن الشعبي غلظ القول فيه حتى ألحق الاقتصار على التشهد بالسنن.
وقد يحتج له بقول ابن مسعود كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في التشهد الأول كأنه على الرضف (1) وكأن مالكًا قاسه في أحد قوليه على التشهد الثاني وأجاز فيه الدعاء، وقد فرق بينهما بأن الجلوس الثاني قد كملت فيه الصلاة فيجلس (2) جلسة مطمئن يحسن فيه الدعاء، وهو في الجلسة الأولى غير مطمئن لأنه متشوف للإتيان بما بقي عليه فلم يحسن الدعاء).
وفي كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، كتاب الصلاة، سنن الصلاة (وَفِيهَا اخْتِيَارُ التَّحِياتُ لِلّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَعْدَهُ دُونَ الأَوَّلِ …..) قال خليل رحمه الله تعالى (اختار مالك هذا لأنه هو الذي كان عمر يعلمه للناس على المنبر ولم ينكره عليه من حضره من الصحابة ومعناه مشهور ولم يذكر المصنف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وكأنه سكت عنه اكتفاء بما قدمه إذ محلها الجلوس الثاني).
(1) عارضة الأحوذي ج 1 ص 161 حسنه الترمذي وصححه ابن العربي ورواه أبو داود والنسائي وأحمد.