إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
أَكثَرُ ءَايةٍ ذُكِرَتْ فِي القُرءَانِ
فَضلُ وَأهَميَّةُ البَسمَلة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيم)
ِالبسمَلَة هِيَ مِنَ القُرءَانِ إجمَاعًا فهِي بَعضُ ءَايةٍ مِنْ سُورةِ النملِ إجمَاعًا، وذُكِرَتْ فِي القُرءَانِ مِائُةً وَأربَعَ عَشْرةَ مَرَّةً، ذُكِرَتْ مائةً وثلاثَ عَشْرَةَ مرةً في أولِ كُلِّ سُورَةٍ مِن سُِوَرِ القُرءَانِ سِوى سُورَةِ التوبَةِ، وَذُكِرَتْ فِي سُورةِ النمل، قال الله تعالى (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴿٣٠﴾) سورة النّمل، فَهِي بَعضُ ءَايَةٍ مِن سُورَةِ النمل.
الْبَسْمَلَةُ ءَايَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ عِنْدَ الإِمَامِ الشَّافِعِىِّ وَلا تَصِحُّ الصَّلاةُ بِدُونِهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِى حَنِيفَةَ لَيْسَتْ ءَايَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ.
وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى تَصْدِيرِ مَكَاتِيبِهِمْ بِالْبَسْمَلَةِ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِى مُؤَلَّفَاتِهِمْ حَيْثُ إِنَّهَا فِى أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ سِوَى بَرَاءَةَ.
وَالِابْتِدَاءُ بِهَا سُنَّةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِى كُلِّ أَمْرٍ لَهُ شَرَفٌ شَرْعًا سِوَى مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ ذَلِكَ بَلْ وَرَدَ فِيهِ غَيْرُهَا كَالصَّلاةِ فَإِنَّهَا تُبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْحَمْدَلَةِ.
قُرَّاءُ الْمَدِينَة ِوَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ عَلَى أَنَّ البَسمَلةَ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهَا مِنْ أوائلِ السُّورِ، وَإِنَّمَا كُتِبَتْ لِلْفَصْلِ وَالتَّبَرُّكِ لِلِابْتِدَاءِ بِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمِنْ تَابَعَهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَقُرَّاءُ مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ عَلَى أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ سِوى سُورَةِ التوبَة، وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَقَالُوا: قَدْ أَثْبَتَهَا السَّلَفُ فِي الْمُصْحَفِ مَعَ الْأَمْرِ بِتَجْرِيدِ الْقُرْآنِ [عَمَّا لَيْسَ مِنْهُ].