إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

قالوا في صِفَةِ رَسُولِ الله يتَلألأ وَجْهُه تَلألأ القَمر لَيلَةِ البَدْر أي يُشْرِق وجْهُه ويَستَنِيرُ كاستِنَارَة القَمرِ لَيلَةَ بَدَاَرتِه وهيَ ليلةُ أربعَةَ عَشَرَ.
 
مُعتَدِلُ الخَلْق أي في جميع صِفَاتِ ذاتِه، ومُعتَدِلُ الصّورة الظّاهِرة بمعنى أنّ أعضَاءَه مُتَنَاسِبَة.
 
ضَلِيعُ الفَم أي عَظِيمُه، واسِعُه، والعرَبُ تتَمَدَّحُ بهِ وتَذُمُّ ضَيّقَه وكانَ لِسَعَته يَفتَتِح الكَلامَ ويَختَتِمُه بأَشْدَاقِه وهوَ دَليلٌ على قُوّةِ الفَصَاحَةِ، أَقْنَى العِرْنِيْن مُرتَفِعُ أَعْلا الأنفِ مُحدَودِبُ الوَسَطِ مِنهُ، أَقْنى مِنَ القَنَا وهوَ ارتِفَاعُ أَعْلَى الأنفِ واحْدِيدابُ وسَطِه، لهُ نُورٌ يَعْلُوه يَحسَبُه مَن لم يتَأمَّلْه أَشَمَّ أي يَعلُو أوّلَ أنفِه وطُولَ قَصَبَتِه نُورٌ سَاطِعٌ وإذَا لم يتَأمَّلْهُ النّاظِرُ يَظُنُّه أشَمَّ الأنفِ، والشَّمَمُ ارتِفَاعُ قَصَبَةِ الأنفِ وطُولُها مع استِواءِ أعْلَاهَا، مُفَلَّج الأسنان أي مُفَرَّجَ مَا بَينَ الثّنَايَا والرَّبَاعِيَات، والفَلَجُ أَبْلَغُ في الفَصَاحَةِ لأنّ اللّسَانَ يَتّسِع فيها بخِلافِ الألَصِّ، اللَّصَصُ تَقَارُبُ مَا بَينَ الأضْرَاسِ حتى لا تَرَى بَينَها خَلَلًا.
 
مُتَمَاسِكًا أي يُمسِكُ بَعضُ أجْزائِه بَعضًا مِن غَيرِ تَزَحزُح ولا اسْتِرخَاءٍ في اللّحْم، لَيسَ بسَمِينٍ ولا نَاحِلٍ فهوَ مُعتَدِلُ الخَلْقِ لأنّهُ تَعَالى حَماهُ خَلْقًا وخُلُقًا مِنَ الإفْرَاطِ والتّفرِيط.
 
دُمْيةٌ في صَفَاء الفِضَّة، صُورَةٌ مُضِيئَةٌ بَيضَاءُ مُشْرَبَةٌ بحُمْرَةٍ قَد بُولِغَ في تَحسِينِها، فَشَبّه عُنُقَه بالدُمْيَة في الصّفَاء والاعتِدَالِ وظُرْفِ الشّكْل وحُسْنِ الهَيئَةِ والكَمَالِ بالفِضّةِ في اللّمَعان والضّيَاء والإشْرَاقِ والجَمَال.
 
سَائلُ الأطْراف أي طَويلُ الأصابع مُمتَدُّها بلا احْدِيْدابٍ ولا تَعَقُّدٍ ولا انْقِبَاضٍ ولا تَكَسُّرِ جِلْدٍ ولا تَشَنُّج.
 
ذَرِيْعُ الْمِشْيَةِ أيْ سَرِيعُ هَيئَةِ الْمَشْي واسِعُ الخَطْوَة، فهوَ معَ كَونِ مِشيَتِه بسَكِيْنَةٍ كانَ يَمُدُّ خَطْوَتَه حتى كأنّ الأرضَ تُطْوَى لهُ.
 
(قالَ في المصبَاح الذّرِيعُ السّريع وَزْنًا ومَعنًى)، (وفي المفرَدات هوَ الواسِع).