إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلواتُ اللهِ البَرِّ الرّحيم والملائكةِ المقَرّبِين على سيدنا محمدٍ أشرفِ المرسلينَ وعلى ءالِه وجميع إخوانِه منَ النّبِيّين والمرسلين وسلامُ الله عليهم أجمعين أمّا بعدُ، فإنّهُ يجبُ اعتقادُ أنّ اللهَ تعالى يُوصَفُ بصِفاتٍ تَدُلُّ على الكمَالِ، ويجبُ اعتقادُ أنّ صفاتِ اللهِ لا تُشبِهُ صِفاتِ الخَلقِ.
فإذَا قِيلَ اللهُ قَـــــــادِرٌ فمعنى ذلكَ أنّ اللهَ لهُ قُدرةٌ واحِدةٌ، يَقدِرُ بها على كُلِّ شَىء، فلا تَتعَدّد لهُ قُدُراتٌ بتَعَدُّدِ المقدُرواتِ أي المخلوقات.
وإذَا قيلَ اللهُ عَالِـــــــمٌ فمعنى ذلكَ أنّ لهُ عِلمًا واحِدًا، يَعلَمُ بهِ كُلَّ شَىء، بهذا العِلمِ الأزليّ الأبدي الذي لا يَطرَأ علَيهِ زِيادةٌ ولا نُقصَان.
وإذَا قيلَ اللهُ مُتكلِّـــــــمٌ فمعناهُ أنّ اللهَ مَوصوفٌ بصِفةِ الكلام، وكلامُ اللهِ واحِدٌ، أزَليّ أبدِيّ ليسَ بحرفٍ ولا صَوتٍ ولا يُوصَفُ اللهُ بالكلامِ الحادِث المرَكَّب، لأنّ مَن قامَ بهِ كلامٌ حادثٌ بحرُوفٍ مُتعَاقبةٍ يكونُ مخلُوقًا.
فإنْ قالَ قائلٌ كيفَ تَقُولُونَ (كلامُ اللهِ الذي هو صِفَتُه ليسَ حَرفًا ولا صَوتًا ولا لُغةً)؟
(أليسَ القُرءان كلام الله)؟
فالجواب أنّ القرءانَ بمعنى اللّفظِ المنَـزّل على الرسول يقالُ فيهِ إنّهُ كلامُ الله على معنى أنّه عبارةٌ عن صفةِ الكلام الذّاتي وليسَ عَين الكلام القائِم بذاتِ الله، يدُلّ على ذلكَ قولُ الله تعالى (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) معناه أن هذِه الألفاظَ المنـزَّلةَ هيَ مَقروء جبريلَ، ولا يجوز أن يكونَ مقروءُ جبريلَ عينَ الكلام الذّاتي القائمِ بذَاتِ اللهِ أي الثابتِ لهُ، ولا يجوز أن يقالَ إنّ الله نَطَق بألفاظِ القرءانِ كمَا نحنُ نَنطِقُ بها، لأنّ هذا مِن صِفاتِ الخَلقِ.