إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
قال الزركشي في تشنيف المسامع: “وهو من لوازم القول بخلق الأفعال كلها. وهي مسئلة القضاء والقدر التي لا يتم الإيمان إلا به، أن يعتقد أن كل شيء من الطاعة والعصيان والنفع والضر بمشيئة الله خلافاً للمعتزلة فإنهم يعتقدون أن الأمر مستأنف بمشيئة العبد مستقل به من غير سبق قضاء وقدر . ولذلك قيل لهم القدرية لأنهم
نفوا القدر . وجاء في الحديث: (القدرية مجوس هذه الأمة) اهـ رواه ابن حبان وأبو داود وذكر الاسفراييني في كتابه التبصير في الدين أن “القدرية ينقسمون إلى عشرين فرقة. وأن واصل بن عطاء الغزال وهو رأس المعتزلة وأول من دعا الخلق إلى بدعتهم وذلك أن معبداً الجهني وغيلان الدمشقي كانا يضمران بدعة القدرية ويخفيانها عن
الناس” اهـ.
(52) ذكر العسقلاني في شرحه على البخاري ما نصه: “ومسئلة التكوين مشهورة بين المتكلمين، وأصلها أنهم اختلفوا هل هو صفة قديمة أو حادثة، فقال جمع من السلف منهم أبو حنيفة: “هو قديم”. وقال ءاخرون منهم ابن كُلاب والأشعري: “هو حادث لئلا يلزم أن يكون المخلوق قديما” وأجاب الأول بأنه يوجد في الأزل
صفة الخلق ولا مخلوق. وأجاب الأشعري بأنه لا يكون خلق ولا مخلوق كما لا يكون ضربٌ ولا مضروب. فألزَموه بحدوث صفات فيلزم حلول الحوادث بالله، فأجاب بأن هذه الصفات لا تُحدِثُ في الذات شيئا جديدا. فتعقبوه بأنه يلزم أن لا يسمى في الأزل خالقاً ولا رازقا، وكلام الله قديم وقد ثبت فيه أنه الخالق الرازق. فانفصل بعض الأشعرية
بأن إطلاق ذلك إنما هو بطريق المجاز وليس المراد بعدم التسمية عدمها بطريق الحقيقة. ولم يرتضِ هذا بعضُهم بل قال وهو المنقول عن الأشعري نفسه: أن الأسامي جارية مجرى الأعلام، والعَلَمُ ليس بحقيقة ولا مجاز في اللغة. وأما الشرع فلفظ الخالق الرازق صادق عليه تعالى في الحقيقة الشرعية. والبحث إنما هو فيها لا في الحقيقة اللغوية،
فألزموه بتجويز إطلاق اسم الفاعل على من لم يقم به الفعل. فأجاب بأن الإطلاق هنا شرعي لا لغوي لغوي” اهـ.
(53) قال البخاري في باب ما جاء في تخليق السموات والأرض وغيرها من الخلائق: “وهو فِعلُ الربِ تبارك وتعالى وأمرُه. فالرب بصفاته وفعله وأمره وهو الخالق هو المكوِن غير مخلوق. وما كان بفعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مفعول مخلوق مكوَن”اهـ وقال أبو حنيفة: “فالفعلية التخليق والإنشاء والإبداع والصنع وغير
ذلك. والله تعالى لم يزل خالقاً بتخليقه، والتخليق صفة في الأزل. وفاعلاً بفعله والفعل صفة في الأزل. فكان الله خالقا قبل أن يَخلُق ورازقا قبل أن يَرزق. وفعله صفته في الأزل، والفاعل هو الله غير مخلوق والمفعولُ مخلوق” اهـ. وقال البخاري في كتابه [خلق أفعال العباد]: “اختلف الناس في الفاعل والفعل والمفعول.
فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر. وقالت الجبرية: الأفاعيل كلها من الله. وقالت الجهمية: الفعل والمفعول واحد، لذلك قالوا: “مخلوق”. وقال السلف: التخليق فِعْلُ الله، وأفاعيلنا مخلوقة، ففِعلُ الله صفته، والمفعول مَن سواه من الخلوقات” اهـ.
(54) وقال اللالكائي في شرح السنة: “أخبرنا عبد الله بن عبيد ثنا أحمد بن سليمان ثنا جعفر بن محمد ومحمد بن إسماعيل قالا ثنا صفوان بن صالح ثنا عمرو بن شعيب قال سمعت الأوزاعي يقول: “إن أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له سوسن كان نصرانياً فأسلم ثم تنصر فأخذ عنه معبد الجهني وأخذ غيلان عن معبد”
اهـ.
(55) وهم أتباع جهم بن صفوان، ومع كل بدعه كان يحمل السلاح ويخرج على السلطان وينصب القتال معه. ورافق سريج بن الحارث في وقائعه، وخرج على نصر بن سيار حتى قتله سلم بن أحوز المازني في ءاخر أيام المروانية. وأكثر أتباعه بنواحي ترمذ وأهل السنة والجماعة يكفرونهم” اهـ. أنظر التبصير للاسفراييني والفرق بين
الفرق لأبي منصور البغدادي.
(56) ذكر البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق أنهم عشرون فرقة منها ثلاث زيدية، وفرقتان الكيسانية، وخمس عشرة فرقة من الإمامية. فأما غلاتهم الذين قالوا بإلهية الأئمة، وأباحوا محرمات الشريعة وأسقطوا وجوب فرائض الشريعة كالبيانية والمُغيرية والجناحية والمنصورية والخطابية والحلولية ومَن جرى مجراهم فما هم من فرق الإسلام وإن
كانوا منتسبين إليه” اهـ.
(57) وذكر أهل التواريخ أن الذين وضعوا دين الباطنية كانوا من أولاد المجوس وكان مَيلُهم إلى دين أسلافهم، ولكنهم لم يقدروا على أظهاره مخافة سيوف المسلمين. انظر التبصير للاسفراييني.
(58) قال الفقيه محمد بن أحمد ميارة المالكي في كتابه (الدر الثمين) ما نصه: “وانظر المسلم الذي ولِد في الإسلام إذا اتفق له أنه لم ينطق بالشهادتين قط، فإن كان لعجز كالأخرس فهو كمن نطق، وإن كان إبايةً وامتناعاً فهو كافر بلا شك، وإن كان لغفلة فقط فهل هو كمن امتنع فهو كافر قطعاً أو هو كمن نطق فهو مؤمن ونسب للجمهور
قولان” اهـ. وقال النووي: “من صدق بقلبه ولم ينطق بلسانه فهو كافر مخلد في النار بالإجماع” اهـ وقال محمد بن يوسف السنوسي: “وأما الكافر فذكره لهذه الكلمة واجب شرط في صحة إيمانه القلبي مع القدرة، وإن عجز عن ذكرها بعد حصول إيمانه القلبي لمفاجأة الموت ونحو ذلك سقط عنه الوجوب” اهـ.
(59) ورد في فضل كلمة الإخلاص ما رواه مالك في الموطأ والترمذي عنه صلى الله عليه وسلم: (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وعند الترمذي زيادة: (له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). ويكفي في فضلها أن الكافر الأصلي إذا نطق بها انهدم جميع ذنوبه، فقد روى مسلم أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن العاص لما أسلم: (ألم تعلم أن الإسلام يهدم ما قبله) وروى أحمد من حديث رفاعة الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أشهد عند الله لا يموت عبدٌ شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صدقاً مِن قلبه ثم يسدّد إلا سلك في الجنة، وقد وعدني ربي عز وجل أن يُدخِل من أمتي سبعين ألفاً لا حساب عليهم ولا
عذاب، وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تتبوّؤا أنتم ومن صلح من ءابائكم وأزواجكم وذرياتكم مساكنَ في الجنة) قال الهيثمي: رجاله موّثقون.
(60) وقد قرر أهل المذاهب الأربعة أن الأنين والتأوه يفسد الصلاة. و(آه) من جملة ألفاظ الأنين وقد عدها الزبيدي في شرح القاموس اثنتين وعشرين كلمة. وما يروى أن الأنين اسم من أسماء الله فلا أصل له. أخرجه الرافعي في تاريخ قزوين بإسناد تالف وهو مناقض لقول الله في سورة الأعراف: { ولله الأسماء الحسنى
} فقد فسروا الحسنى بالدالة على الكمال فلا يجوز أن يكون اسمٌ من أسماء الله تعالى دالاً على خلاف الكمال. انتهى كلام الشيخ عبد الله الحبشي في كتابه الدليل.
(61) يجتمع النبي والرسول في أن كلاً منهما أوحي إليه بشرع. ويفترق الرسول عن النبي بأنه أوحي إليه بشرع جديد. والنبي يتبع شرع الرسول الذي قبله.
(62) أخرج ابن حبان من حديث أبي ذر أنه سأل رسولَ الله عن عدد الأنبياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً) وأنه قال: كم الرسل منهم؟ فقال (ثلاثمائة وثلاثة عشر) وصححه، ولكن في سنده مَن هو مختلف في توثيقه. إنتهى كلام الشيخ عبد الله الحبشي في الدليل.
(63) إذ إن عند جمهور علماء التوحيد يشترطون للاحتجاج بالحديث في العقائد أن يكون الحديث مشهوراً وإن كان دون المتواتر.
(64) روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق اللهُ الملائكةَ من نور).
(65) روى البخاري ومسلم والدارقطني والبيهقي وغيرهم مجيء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر.
(66) قال الله تعالى: { إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه } .
(67) ثبت عن سعيد بن المسيب أنه قال إن الملائكة لا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون وأنهم ليسوا ذكوراً ولا إناثاً. نقله عنه الشيخ عبد الله الحبشي في دليله.
(68) رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم وحسنوه، ولفظ الترمذي: (ساجد لله تعالى).
(69) جاء في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل في صورته التي هي ذات ستمائة جناح.
(70) قال الله تعالى: { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسلَ رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء } .