إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

كل شىء يدل على الاستخفاف بالله أو بدين الله أو بشعائر الإسلام يكفر الشخص إن نطق به إن كان عن اعتقاد أو عن غير اعتقاد هكذا في المذاهب الأربعة
 
من تكلم بكلمة تدل على الاستخفاف، معناها الاستخفاف بالله أو برسوله أو بالملائكة أو بشريعة الإسلام أو بشعائر الإسلام كالصلاة والزكاة والحج والصيام ونحو ذلك، إن قصد المعنى أو لم يقصد، إن اعتقد أو لم يعتقد، قال الفقهاء من أهل المذاهب الأربعة كفر، ولو كان مازحًا ولو كان غضبان، قالوا إلا إذا كان بلا ارادة خرجت منه، ما أراد أن يقول هذه الكلمة إنما لسانه زلق هذا لا يكفر.
 
كذلك إذا واحد غاب عقله فخرجت منه كفرية بلا وعيه، أما ما دام في وعيه فيكفر، حتى قالوا إذا شخص عاتب شخصًا على معصية ظاهرة يعرف ذلك الشخص أنها حرام ثم عاتبه، فقال له ألا تخاف الله، فقال له لا أخافه، قالوا كفر لا تأويل له، كذلك إذا تشاجرت امرأة مع زوجها وكانت وقعت في معصية، عصت الله، قال لها ألا تخافين الله، ألا تتقين الله، فقالت لا، لا أخافه، قالوا كفرت ونكاحها ذهب، خرجت من الإسلام والنكاح ذهب هذا المقرر في كتب الفقهاء الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية كلهم.
 
هذا اللسان إذا لم يحفظه صاحبه يهلكه، الرسول عليه الصلاة والسلام قال (إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا) أي سبعين سنة يهوي إلى قعر جهنم، هي مسافة نزولها مسافة سبعين سنة.
 
معنى الحديث قد يتكلم الشخص وهو لا يرى بكلامه هذا بأسًا، لا يظن أنها تضره، وتكون هذه الكلمة بسببها ينزل هذا الإنسان إلى عمق نهاية جهنم الذي لا يصله إلا الكفار، المسلم العاصي الذي مات بلا توبة النار تأخذ بعضهم إلى الكعب وبعضهم إلى غير الكعب، والمسلم مهما كثرت ذنوبه لا يخلد في النار، أما الإنسان قد يخرج من دين الإسلام وينال جزاءه في الآخرة، قد يكفر ولا يظن أن القول الكفري وحده يخرج من الإسلام والاعتقاد وحده الكفري يخرج من الإسلام والفعل الكفري الذي يفعله ببدنه يخرج من الإسلام، إذا تغير اعتقاده إلى الكفر كأن كان يعتقد الآخرة حقًا ثم جاءه خاطر أنه ليس صحيحًا أنه في الآخرة عذاب بعد هذه الحياة، حياة يعود الإنسان حيًا ثم يُجازى على أعماله يجازى خيرًا على خير ويجازى شرًا على شر فاعتقد هذا، قال ما صحيح ما يقال، ما تكلم بلسانه إنما بقلبه قال ما صحيح (يعني الاعتقاد وحده)، كذلك الفعل، واحد رمى المصحف في القاذورة، لو انسان بقلبه فيه محبة القرءان واحترامه لكن بفعله هذا كفر، بالفعل وحده ايضًا الإنسان يخرج من الإسلام وبالاعتقاد وحده وبالقول وحده بلا اعتقاد، الطلاق بالمزح يقع فكيف كلام الكفر، بدون أن يكون له خاطر بمفارقته لها قال طلقتك ثبت لو كان قلبه متعلقًا بها ثبت حرمت عليه، فكيف الكفر سب الله سب الرسول أو سب الملائكة.