إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد: 

لا دِينَ صَحِيحٌ إِلَّا الإِسْلامُ
 
الدِّينُ الْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان 85.
 
الَّذِي يَطْلُبُ دِينًا غَيْرَ الإِسْلامِ يَدِينُ بِهِ فَلَنْ يَقْبَلَهُ اللَّهُ مِنْهُ، فَالدِّينُ الصَّحِيحُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ الإِسْلامُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لا يُسَمَّى مَا سِوَى الإِسْلامِ دِينًا بَلْ يُقَالُ دِينُ الْيَهُودِ وَدِينُ الْمَجُوسِ لَكِنَّهُ دِينٌ بَاطِلٌ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الرَّسُولَ أَنْ يَقُولَ ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [سُورَةَ الْكَافِرُون 6] أَيْ أَنَا مَا أَزَالُ عَلَى دِينِي الَّذِي هُوَ حَقٌّ وَأَنْتُمْ لَكُمْ دِينُكُمُ الْبَاطِلُ فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَتْرُكُوهُ.
 
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان 19.
 
أَيْ أَنَّ الدِّينَ الصَّحِيحَ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الْبَشَرِ وَالْجِنِّ وَالْمَلائِكَةِ الإِسْلامُ لا غَيْرُ وَمَا سِوَاهُ مِنَ الأَدْيَانِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَهُوَ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، ءَادَمُ وَأَوْلادُهُ مَا كَانُوا يَدِينُونَ إِلَّا بِالإِسْلامِ إِنَّمَا نَشَأَ الْكُفْرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة 213] أَيْ كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَشَرُ بَقِيَ بَعْضُهُمْ عَلَى الإِسْلامِ وَكَفَرَ بَعْضٌ فَدَانَ بِغَيْرِ الإِسْلامِ، ثُمَّ لَمَّا اخْتَلَفُوا بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ لِيُبَشِّرُوا مَنْ أَسْلَمَ بِالْجَنَّةِ وَيُنْذِرُوا مَنْ كَفَرَ بِالْعَذَابِ فِي الآخِرَةِ.
 
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ أَيْ كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ فَاخْتَلَفُوا ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾.