إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
نقل أبو الفضل عبد الواحد التميمي الحنبلي رئيس الحنابلة (توفّي 410) [صلى عليه نحو من خمسين ألفا] في كتاب اعتقاد الإمام أحمد [وأنكر (يعني الإمام أحمد) على من يقول بالجسم، وقال إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة، وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم لكل ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله، فلم يجز أن يسمى جسما لخروجه عن معنى الجسمية، ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل].
قوله (وأنكر على من يقول بالجسم) فهذا تصريح من الإمام أحمد رضي الله عنه في تنزيه الله عن هذه الاشياء الستة لأنها من لوازم الجسم.
وأما قوله (إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة) فمعناه أن أسماء الأشياء تعرف إما من طريق اللغة وإما من الشرع، فكلمة الرجل والفرس عرفناها من طريق اللغة، والصلاة الشرعية عن طريق الشرع، والجسم في اللغة يطلق على ماله طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله لا يوصف بشىء من ذلك قال تعالى (ليس كمثله شىء).
وأما قول الإمام (وأهل اللغة وضعوا هذا الإسم) فمعنى وضعوا أن هذا عرف بالنقل أي عرف أن اطلاق هذا الإسم أي الجسم يكون على الأشياء الستة لأن اللغة العربية ليست بالمواضعة إنما هي بالوحي، فمعنى وضعوا نقلوا إلينا، ليس معناه اجتمعوا وقرروا أن يطلق هذا الإسم أي الجسم، فمن الأنبياء تعلم البشر اللغات وقول الإمام أحمد (والله خارج عن ذلك كله) أي كل هذا يستحيل على الله لأن الله لا يشبه شيئا من خلقه.
وقول الإمام (فلم يجز أن يسمى جسما، لخروجه [أي الله] عن معنى الجسمية، ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل) أي لم يأت في الشريعة إطلاق الجسم على الله بل جاء في الشريعة تنزيه الله عن الجسم وعن صفات الجسم ومن أطلق ذلك [أي الجسم] على الله فكلامه باطل مخالف لعقيدة المسلمين يلزمه الرجوع إلى الإسلام بالنطق بلا إله إلا الله محمد رسول الله.