إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الوهابية بقولهم الله له حد هذا شتم وسبٌ لله فاحذروهم وحذروا منهم، الحذر من المشبهة المجسمة الوهابية أدعياء السّلفية.
ذكر ابن المعلم القرشي في كتاب نجم المهتدي ص 588 ما نَصُّه (عن عَليّ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ سَيَرجِعُ قَومٌ مِنْ هَذِهِ الأُمّةِ عِندَ اقتِرَابِ السّاعَةِ كُفّارًا قَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ المؤمنينَ كُفرُهُم بماذَا أَبِالإحْدَاثِ أَم بِالإنْكَارِ فَقالَ بل بالإنكَارِ يُنْكِرُونَ خَالِقَهُم فيَصِفُونَه بالجِسمِ والأَعضَاء). انتهى
قَالَ الإمامُ أَحْمَدُ بنُ سَلامَةَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ ت 321 هـ في عَقيدَتهِ الَّتي هِيَ عَقيدَةُ كُلِّ الْمُسْلِمينَ وَالَّتي ذَكَرَ في بِدَايَتِهَا قَوْلَهُ (هَذَا ذِكْرُ بَيانِ عَقيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ والْجَمَاعَةِ….ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ اللهِ تعالى: تَعالى عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَاياتِ والأَرْكَانِ والأعْضَاءِ والأَدَواتِ لا تَحْويِهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ).
فَمَعْنَى قَوْلِهِ تعالى أي تَنَزَّهَ اللهُ،
وَقَوْلِهِ عَنِ الْحُدُودِ مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ لا حَجْمَ لهُ لأَنَّهُ خَالِقُ الأَحْجَامِ وَالْمَحْدُودُ عِنْدَ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ والشَّرْعِ مَا لَهُ حَجْمٌ كَبُرَ أَوْ صَغُرَ،
وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالغَاياتِ جَمْعُ غَايَةٍ وَهِيَ النِّهَايَةُ وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الأَجْسَامِ، وَقَوْلِهِ وَالأَرْكَانِ جَمْعُ رُكْنٍ وَمَعْنَاهُ الْجَانِبُ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الأَجْسَامِ،
وَقَوْلِهِ والأَعْضَاءِ جَمْعُ عُضْوٍوَهُوَ الْجُزْءُ الْكَبيرُ كَالْيَدِ الْجَارِحَةِ والْوَجْهِ الْجَارِحَةِ،
وقَوْلِهِ وَالأَدَوَاتِ جَمْعُ أَدَاةٍ وَهُوَ الْجُزْءُ الصَّغيرُ كَاللِّسَانِ واللَّهَاةِ وَالأَضْرَاسِ، وقَوْلِهِ لا تَحْويهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ لأَنَّ الْجِهَاتِ السِّتَّ هِيَ فَوْقٌ وَتَحْتٌ وَيَمِينٌ وَشِمَالٌ وَأَمَامٌ وَخَلْفٌ،
وَقَولِهِ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعاتِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْجِهَةَ وَالْمَكَانَ مِنْ صِفَاتِ الْمُبْتَدَعَاتِ أَيِ الْمَخْلُوقَاتِ وَاللهُ تعالى مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ.
قَالَ الإمَامُ الْمُجْتَهِدُ أَبُو حَنيفَةَ النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتٍ الْكُوفِيُّ توفي150 هـ في كِتَابِهِ الْفِقْهُ الأَبْسَطُ (كَانَ اللهُ تَعالى وَلا مَكَان قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ وَكَانَ اللهُ تعالى وَلَمْ يَكن أَيْنٌ وَلا خَلْقٌ وَلا شَىْءٌ وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ). اهـ
نَقَلَ الْحَافِظُ الزَّبِيدِيُّ في كِتَابِهِ اتْحَافُ السَّادَةِ الْمُتَّقينَ عَنِ الإمَامِ الْمُجْتَهِدِ الشَّافِعي توفي 204 هـ (إِنَّهُ تعالى كَانَ وَلا مَكَانَ فَخَلَقَ الْمَكَانَ وَهُوَ على صِفَةِ الأَزَلِيَّةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ خَلْقِهِ الْمَكَانَ لا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّغْييرُ في ذَاتِهِ وَلا التَّبْديلُ في صِفَاتِهِ). اهـ
قَالَ اللهُ تعالى (وَللهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى) أَيْ للهِ الْوَصْفُ الَّذي لا يُشْبِهُ وَصْفَ غَيْرِهِ.
قال الامام المبجل احمد بن حنبل رضي الله عنه (مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك).
قال الحافظ عبد الرحمن بن الجوزي المتوفّى سنة 597 هجرية رضي الله عنه عن الله تعالى (ما عرفَهُ مَنْ كيّفهُ ولا وحّدَهُ مَنْ مَثّلهُ ولا عبدَهُ مَنْ شبّههُ المُشبّهُ أعشى والمُعطّلُ أعمى) المدهش صحيفة 138 من الفصل الأول في قوله تعالى هو الأولُ والآخرُ يذكر فيه التوحيد.
من كيفه معناه من وصف الله بالكيف وهو كل ما كان من صفات الخلق كالتغيّر والجلوس والاستقرار والجهة والمكان والأعضاء والجوارح.
من مثله كالذين تصوروه حجما قاعدا على العرش أو قالوا إنه خارج العالم أوداخله أومتصل به أو منفصل عنه.
من شبهه كالوهابية الذين جعلوا الله ساكنا السماء أو كقول بعضهم إنه فى جهة فوق العرش.
الأعشى هو ضعيف البصر.
والمعطل هو من نفى وجود الله أونفى صفة من صفات الله الواجبة له إجماعا ككونه عالما أو سميعا أوبصيرا أو قادرا على كل شىء.