إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم صَاحِبُ الـخـُلُقِ العَظيم
هو محمد الذي جعل الله خُلُقَه القرءان، هو محمد الذي يرضى بـما يرضاه القرءان ويتأدب بآدابه ويتخلق بأخلاقه ويلتزم أوامره ولا يغضب لنفسه إلا إذا ارتكبت محارم الله، هو محمد الذي بعثه الله الرحمن بالإرفاق أي رفقًا بهذه الأمّة لكي يتمّم مكارم الأخلاق، هو محمد الذي هو أشجع الناس أي أقواهم قلبًا وأكثرهم جراءة لـملاقاة العدوّ، هو محمد الذي ما سئل عن شىء قطّ يعني عن أي حاجة من متاع الدنيا يباح إعطاؤها فقال لا إلا إذا كان شيئًا لا يـَجِدُهُ، هو محمد الذي كان أصدق الناس لهجة وأَوْفَى الناس ذمة وأحسنَ الناس معاشرة.
فاللهُ تَباركَ وتعالى أعطى نبيه صلى الله عليه وسلم من مـحاسن الأخلاق أعلى رتبة.
وَيَجِبُ اعتِقَادُ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مِن أَنبِيَاءِ اللهِ يَجِبُ أَن يَكُونَ مُتَّصِفًا بِالصِّدقِ وَالأَمَانَةِ وَالفَطَانَةِ فَيَستَحِيلُ عَليهِم الكَذِبُ وَالخِيَانَةُ وَالرَّذَالَةُ وَالسَّفَاهَةُ وَالبَلاَدَةُ، وَتَجِبُ لَهُمُ العِصمَةُ مِنَ الكُفرِ وَالكَبائِرِ وَصَغائِرِ الخسَّةِ قَبلَ النُّبُوَّةِ وَبَعدَها، وَيَجوزُ عَليهِم ما سِوَى ذلك مِنَ المعَاصِي، لكِن يُنَبَّهُونَ فَورًا للتَّوبَةِ قَبلَ أَن يَقتَدِيَ بِهِم فيهَا غَيرُهُم، فَمِن هنا يُعلَمُ أَنَّ النُّبُوَّةَ لا تَصِحُّ لإِخوَةِ يوسُفَ الذينَ فَعَلوا تِلكَ الأَفَاعيلَ الخسيسَةَ وَهُم مَن سِوَى بِنيَامِين، وَالأَسبَاطُ الذينَ أُنزِلَ عَلَيهِم الوَحيُ هُم مَن نُبِّئَ مِن ذُرِّيتِهِم.