إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
الإِخْلاصُ هُوَ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ
مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْوَاجِبَةِ الإِخْلاص، وَهُوَ إِخْلاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْ أَنْ لا يَقْصِدَ بِالْعَمَلِ مَحْمَدَةَ النَّاسِ وَالنَّظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الاِحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ وَالإِجْلالِ، قَالَ تَعَالَى ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [سُورَةَ الْكَهْف 110] فَفِي الآيَةِ نَهْيٌ عَنِ الرِّيَاءِ لأِنَّهُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ.
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدَرَكِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (اتَّقُوا الرِّيَاءَ فَإِنَّهُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ) صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ عَلَى تَصْحِيحِهِ، فَأَيُّ عَمَلٍ مِنَ الْحَسَنَاتِ يَعْمَلُهُ الْعَبْدُ إِنْ نَوَى بِهِ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ لا ثَوَابَ فِيهِ بَلْ عَلَيْهِ ذَنْبٌ كَبِيرٌ لأِنَّهُ يُشْبِهُ الإِشْرَاكَ بِاللَّهِ أَيْ عِبَادَةَ غَيْرِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ وَإِنَّمَا سَمَّى الرَّسُولُ الرِّيَاءَ الشِّرْكَ الأَصْغَرَ لأِنَّهُ لا يَخْرُجُ فَاعِلُهُ مِنَ الإِسْلامِ بَلْ يَغْفِرُهُ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَاقِبُ مَنْ يَشَاءُ.